تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ١ - الصفحة ٢٥١
مقابلة الاسم الجليل ولقصد المبالغة بتكرير الإسناد مع الإيمان إلى التباين بين الفريقين من كل وجه حتى من جهة التعبير أيضا «يخرجونهم» بالوساوس وغيرها من طرق الإضلال والإغواء «من النور» الفطري الذي جبل عليه الناس كافه أو من نور البينات التي يشاهدونها من جهة النبي صلى الله عليه وسلم بتنزيل تمكنهم من الاستضاءة بها منزلة نفسها «إلى الظلمات» ظلمات الكفر والانهماك في الغي وقيل نزلت في قوم ارتدوا عن الإسلام والجملة تفسير لولاية الطاغوت أو خبر ثان كما مر وإسناد الإخراج من حيث السببية إلى الطاغوت لا يقدح في استناده من حيث الخلق إلى قدرته سبحانه «أولئك» إشارة إلى الموصول باعتبار اتصافه بما في حيز الصلة وما يتبعه من القبائح «أصحاب النار» أي ملابسوها وملازموها بسبب مالهم من الجرائم «هم فيها خالدون» ما كثون ابدا «ألم تر إلى الذي حاج إبراهيم في ربه» استشهاد على ما ذكر من أن الكفرة أولياؤهم الطاغوت وتقرير له على طريقة قوله تعالى ألم تر أنهم في كل واد يهيمون كما أن ما بعده استشهاد على ولايته تعالى للمؤمنين وتقرير لها وإنما بدىء بهذا الرعاية الاقتران بينه وبين مدلوله ولاستقلاله بأمر عجيب حقيق بان يصدر به المقال وهو اجتراؤه على المحاجة في الله عز وجل وما اتى بها في أثنائها من العظيمة المنادية بكمال حماقته ولأن فيما بعده تعددا وتفصيلا يورث تقديمه انتشار النظم على انه قد أشير في تضاعيفه إلى هداية الله تعالى أيضا بواسطة إبراهيم عليه السلام فان ما يحكى عنه من الدعوة إلى الحق وادحاض حجة الكفار من آثار ولايته تعالى وهمزة الاستفهام لإنكار النفي وتقرير المنفي أي ألم تنظر أو ألم ينته علمك إلى هذا الطاغوت المارد كيف تصدى لإضلال الناس وإخراجهم من النور إلى الظلمات أي قد تحققت الرؤية وتقررت بناء على أن أمره من الظهور بحيث لا يكاد يخفي على أحد ممن له حظ من الخطاب فظهر أن الكفرة أولئك الطاغوت وفي التعرض لعنوان الربوبية مع الإضافة إلى ضميره عليه السلام تشريف له وإيذان بتأييده في المحاجة «أن آتاه الله الملك» أي لأن آتاه إياه حيث أبطره ذلك وحمله على المحاجة أو حاجة لأجله وضعا للمحاجة التي هي أقبح وجوه الكفر موضع ما يجب عليه من الشكر كما يقال عاديتني لأن أحسنت إليك أو وقت أن آتاه الله وهو حجة على من منع إيتاء الله الملك للكافر «إذ قال إبراهيم» ظرف لحاج أو بدل من آتاه على الوجه الأخير «ربي الذي يحيي ويميت» بفتح ياء ربي وقرئ بحذفها روى أنه صلى الله عليه وسلم لما كسر الأصنام سجنه ثم أخرجه فقال من ربك الذي تدعو إليه قال ربي الذي يحيي ويميت أي يخلق الحياة والموت في الأجساد «قال» استئناف مبني على السؤال كأنه قيل كيف حاجة في هذه المقالة القوية الحقة فقيل قال «أنا أحيي وأميت» روى أنه دعا برجلين فقتل أحد هما وأطلق الآخر فقال ذلك «قال إبراهيم» استئناف كما سلف كأنه قيل
(٢٥١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 246 247 248 249 250 251 252 253 254 255 256 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 مقدمة قاضي القضاة أبو السعود 3
2 (الجزء الأول) 1 - سورة الفاتحة 7
3 2 - سورة البقرة 20
4 تفسير قوله تعالى إن الله لا يستحي أن يضرب مثلا ما بعوضة فما فوقها 71
5 أتأمرون الناس بالبر و تنسون أنفسكم 97
6 وإذا استسقى موسى لقومه 105
7 أفتطمعون أن يؤمنوا لكم وقد كان فريق منهم يسمعون كلام الله يحرفونه من بعد ما عقلوه وهم يعلمون 116
8 ولقد جاءكم موسى بالبينات ثم اتخذتم العجل من بعده وأنتم ظالمون 130
9 ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها ألم تعلم أن الله على كل شئ قدير 142
10 وإذا ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن 154
11 (الجزء الثاني) سيقول السفهاء من الناس ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها 170
12 إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما 181
13 ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر 192
14 يسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس والحج وليس البر بأن تأتوا البيوت من ظهورها 203
15 واذكروا الله في أيام معدودات 210
16 يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس و إثمهما أكبر من نفعهما 218
17 والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة 230
18 ألم تر إلى الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت 237
19 (الجزء الثالث) تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض 245
20 قول معروف ومغفرة خير من صدقة يتبعها أذى والله غني حميد 258
21 ليس عليك هداهم ولكن الله يهدي من يشاء 264
22 وإن كنتم على سفر ولم تجدوا كاتبا فرهان مقبوضة 271