«فبدل الذين ظلموا» بما أمروا به من التوبة والاستغفار بأن اعرضوا عنه وأوردوا مكانه «قولا» آخر مما لا خير فيه روى انهم قالوا مكان حطة حنطة وقيل قالوا بالنبطية حطا سمقاثا يعنون حنطة حمراء استخفافا بأمر الله عز وجل «غير الذي قيل لهم» نعت لقولا وانما صرح به مع استحالة تحقق التبديل بلا مغايرة تحقيقا لمخالفتهم وتنصيصا على المغايرة من كل وجه «فأنزلنا» أي عقيب ذلك «على الذين ظلموا» بما ذكر من التبديل وانما وضع الموصول موضع الضمير العائد إلى الموصول الأول للتعليل والمبالغة في الذم والتقريع وللتصريح بأنهم بما فعلوا قد ظلموا أنفسهم بتعريضها لسخط الله تعالى «رجزا من السماء» أي عذابا مقدرا منها والتنوين للتهويل والتفخيم «بما كانوا يفسقون» بسبب فسقهم المستمر حسبما يفيده الجمع بين صيغتي الماضي والمستقبل وتعليل إنزال الرجز به بعد الإشعار بتعليله بظلمهم للإيذان بأن ذلك فسق وخروج عن الطاعة وغلو في الظلم وأن تعذيبهم بجميع ما ارتكبوه من القبائح لا بعدم توبتهم فقط كما يشعر به ترتيبه على ذلك بالفاء والرجز في الأصل ما يعاف عنه وكذلك الرجس وقرئ بالضم وهو لغة فيه والمراد به الطاعون روى انه مات به في ساعة واحدة أربعة وعشرون ألفا «وإذ استسقى موسى لقومه» تذكير لنعمة أخرى كفروها وكان ذلك في التيه حين استولى عليهم العطش الشديد وتغيير الترتيب لما أشير اليه مرارا من قصد ابراز كل من الأمور المعدودة في معرض امر مستقل واجب التذكير والتذكر ولو روعى الترتيب الوقوعي لفهم ان الكل امر واحد امر بذكره واللام متعلقة بالفعل أي استسقى لأجل قومه «فقلنا اضرب بعصاك الحجر» روى انه كان حجرا طوريا مكعبا حمله معه وكان ينبع من كل وجه منه ثلاث أعين يسيل كل عين في جدول إلى سبط وكانوا ستمائة الف وسعة المعسكر اثنى عشر ميلا أو كان حجرا أهبطه الله تعالى مع آدم عليه السلام من الجنة ووقع إلى شعيب عليه السلام فأعطاه موسى عليه السلام مع العصا أو كان هو الحجر الذي فر بثوبه حين وضعه عليه ليغتسل وبرأه الله تعالى به عما رموه به من الأدرة فأشار اليه جبريل عليه السلام ان يحمله أو كان حجرا من الحجارة وهو الأظهر في الحجة قيل لم يؤمر عليه السلام بضرب حجر بعينه ولكن لما قالوا كيف بنا لو أفضينا إلى ارض لا حجارة بها حمل حجرا في مخلاته وكان يضربه بعصاه إذا نزل فيتفجر ويضربه إذا ارتحل فييبس فقالوا ان فقد موسى عصاه متنا عطشا فأوحى الله تعالى اليه ان لا تقرع الحجر وكلمه يطعك لعلهم يعتبرون وقيل كان الحجر من رخام حجمه ذراع في ذراع والعصا عشرة اذرع على طوله عليه السلام
(١٠٥)