تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ١ - الصفحة ١٠٥
«فبدل الذين ظلموا» بما أمروا به من التوبة والاستغفار بأن اعرضوا عنه وأوردوا مكانه «قولا» آخر مما لا خير فيه روى انهم قالوا مكان حطة حنطة وقيل قالوا بالنبطية حطا سمقاثا يعنون حنطة حمراء استخفافا بأمر الله عز وجل «غير الذي قيل لهم» نعت لقولا وانما صرح به مع استحالة تحقق التبديل بلا مغايرة تحقيقا لمخالفتهم وتنصيصا على المغايرة من كل وجه «فأنزلنا» أي عقيب ذلك «على الذين ظلموا» بما ذكر من التبديل وانما وضع الموصول موضع الضمير العائد إلى الموصول الأول للتعليل والمبالغة في الذم والتقريع وللتصريح بأنهم بما فعلوا قد ظلموا أنفسهم بتعريضها لسخط الله تعالى «رجزا من السماء» أي عذابا مقدرا منها والتنوين للتهويل والتفخيم «بما كانوا يفسقون» بسبب فسقهم المستمر حسبما يفيده الجمع بين صيغتي الماضي والمستقبل وتعليل إنزال الرجز به بعد الإشعار بتعليله بظلمهم للإيذان بأن ذلك فسق وخروج عن الطاعة وغلو في الظلم وأن تعذيبهم بجميع ما ارتكبوه من القبائح لا بعدم توبتهم فقط كما يشعر به ترتيبه على ذلك بالفاء والرجز في الأصل ما يعاف عنه وكذلك الرجس وقرئ بالضم وهو لغة فيه والمراد به الطاعون روى انه مات به في ساعة واحدة أربعة وعشرون ألفا «وإذ استسقى موسى لقومه» تذكير لنعمة أخرى كفروها وكان ذلك في التيه حين استولى عليهم العطش الشديد وتغيير الترتيب لما أشير اليه مرارا من قصد ابراز كل من الأمور المعدودة في معرض امر مستقل واجب التذكير والتذكر ولو روعى الترتيب الوقوعي لفهم ان الكل امر واحد امر بذكره واللام متعلقة بالفعل أي استسقى لأجل قومه «فقلنا اضرب بعصاك الحجر» روى انه كان حجرا طوريا مكعبا حمله معه وكان ينبع من كل وجه منه ثلاث أعين يسيل كل عين في جدول إلى سبط وكانوا ستمائة الف وسعة المعسكر اثنى عشر ميلا أو كان حجرا أهبطه الله تعالى مع آدم عليه السلام من الجنة ووقع إلى شعيب عليه السلام فأعطاه موسى عليه السلام مع العصا أو كان هو الحجر الذي فر بثوبه حين وضعه عليه ليغتسل وبرأه الله تعالى به عما رموه به من الأدرة فأشار اليه جبريل عليه السلام ان يحمله أو كان حجرا من الحجارة وهو الأظهر في الحجة قيل لم يؤمر عليه السلام بضرب حجر بعينه ولكن لما قالوا كيف بنا لو أفضينا إلى ارض لا حجارة بها حمل حجرا في مخلاته وكان يضربه بعصاه إذا نزل فيتفجر ويضربه إذا ارتحل فييبس فقالوا ان فقد موسى عصاه متنا عطشا فأوحى الله تعالى اليه ان لا تقرع الحجر وكلمه يطعك لعلهم يعتبرون وقيل كان الحجر من رخام حجمه ذراع في ذراع والعصا عشرة اذرع على طوله عليه السلام
(١٠٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 100 101 102 103 104 105 106 107 108 109 110 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 مقدمة قاضي القضاة أبو السعود 3
2 (الجزء الأول) 1 - سورة الفاتحة 7
3 2 - سورة البقرة 20
4 تفسير قوله تعالى إن الله لا يستحي أن يضرب مثلا ما بعوضة فما فوقها 71
5 أتأمرون الناس بالبر و تنسون أنفسكم 97
6 وإذا استسقى موسى لقومه 105
7 أفتطمعون أن يؤمنوا لكم وقد كان فريق منهم يسمعون كلام الله يحرفونه من بعد ما عقلوه وهم يعلمون 116
8 ولقد جاءكم موسى بالبينات ثم اتخذتم العجل من بعده وأنتم ظالمون 130
9 ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها ألم تعلم أن الله على كل شئ قدير 142
10 وإذا ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن 154
11 (الجزء الثاني) سيقول السفهاء من الناس ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها 170
12 إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما 181
13 ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر 192
14 يسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس والحج وليس البر بأن تأتوا البيوت من ظهورها 203
15 واذكروا الله في أيام معدودات 210
16 يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس و إثمهما أكبر من نفعهما 218
17 والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة 230
18 ألم تر إلى الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت 237
19 (الجزء الثالث) تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض 245
20 قول معروف ومغفرة خير من صدقة يتبعها أذى والله غني حميد 258
21 ليس عليك هداهم ولكن الله يهدي من يشاء 264
22 وإن كنتم على سفر ولم تجدوا كاتبا فرهان مقبوضة 271