تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ١ - الصفحة ٢١٠
من جنس ما كسبوا أو من أجله كقوله تعالى مما خطيئاتهم أغرقوا أو مما دعوا به نعطيهم منه ما قدرناه وتسمية الدعاء كسبا لما أنه من الأعمال «والله سريع الحساب» يحاسب العباد على كثرتهم وكثرة أعمالهم في مقدار لمحة فاحذروا من الإخلال بطاعة من هذا شأن قدرته أو يوشك أن يقيم القيامة ويحاسب الناس فبادروا إلى الطاعات واكتساب الحسنات «واذكروا الله» أي كبروه في أعقاب الصلوات وعند ذبح القرابين ورمي الجمار وغيرها «في أيام معدودات» هي أيام التشريق «فمن تعجل» أي استعجل في النفر أو النفر فإن التفعل والاستفعال يجيئان لازمين ومتعديين يقال تعجل في الأمر واستعجل فيه وتعجله وأستعجله والأول أوفق للتأخر كما في قوله * قد يدرك المتأني بعض حاجته * وقد يكون من المستعجل الزلل * «في يومين» أي في تمام يومين بعد يوم النحر هو يوم النحر ويوم الرؤس واليوم بعده ينفر إذا فرغ من رمي الجمار «ومن تأخر» في النفر حتى رمي في اليوم الثالث قبل الزوال أو بعده وعند الشافعي بعده فقط «فلا إثم عليه» بما صنع من التأخر والمراد التخيير بين التعجل والتأخر ولا يقدح فيه أفضلية الثاني وإنما ورد بنفي الإثم تصريحا بالرد على أهل الجاهلية حيث كانوا مختلفين فمن مؤثم للمتعجل ومؤثم للمتأخر «لمن اتقى» خبر لمبتدأ محذوف أي الذي ذكر من التخيير ونفي الإثم عن المتعجل والمتأخر أو من الأحكام لمن أتقى لأنه الحاج على الحقيقة والمنتفع به أو لأجله حتى لا يتضرر بترك ما يهمه منهما «واتقوا الله» في مجامع أموركم بفعل الواجبات وترك المحضورات ليعبأ بكم وتنظموا في سلك المغتنمين بالاحكام المذكورة والرخص أو احذروا الإخلال بما ذكر من الاحكام وهو الأنسب بقوله عز وجل «واعلموا أنكم إليه تحشرون» أي للجزاء على أعمالكم بعد الإحياء والبعث واصل الحشر الجمع وضم المتفرق وهو تأكيد للأمر بالتقوى وموجب للامتثال به فإن من علم بالحشر والمحاسبة والجزاء كان ذلك من أقوى الدواعي إلى ملازمة التقوى «ومن الناس من يعجبك قوله» تجريد للخطاب وتوجيه له اليه عليه الصلاة والسلام وهو كلام مبتدأ سيق لبيان تحزب الناس في شأن التقوى إلى حزبين وتعيين مآل كل منهما ومن موصولة أو موصوفة وإعرابه كما بين في قوله تعالى ومن الناس من يقول آمنا بالله واليوم الآخر أي ومنهم من يروقك كلامه ويعظم موقعه في نفسك لما تشاهد فيه من ملاءمه الفحوى ولطف الأداء والتعجب حيرة تعرض للإنسان بسبب عدم الشعور بسبب ما يتعجب منه «في الحياة الدنيا» متعلق يقوله أي ما يقوله في حق الحياة الدنيا ومعناها فإنها الذي يريده بما يدعيه من الإيمان ومحبة الرسول صلى الله عليه وسلم وفيه إشارة إلى أن له قولا آخر ليس بهذه الصفة أو بيعجبك أي يعجبك قوله في الدنيا بحلاوته
(٢١٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 205 206 207 208 209 210 211 212 213 214 215 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 مقدمة قاضي القضاة أبو السعود 3
2 (الجزء الأول) 1 - سورة الفاتحة 7
3 2 - سورة البقرة 20
4 تفسير قوله تعالى إن الله لا يستحي أن يضرب مثلا ما بعوضة فما فوقها 71
5 أتأمرون الناس بالبر و تنسون أنفسكم 97
6 وإذا استسقى موسى لقومه 105
7 أفتطمعون أن يؤمنوا لكم وقد كان فريق منهم يسمعون كلام الله يحرفونه من بعد ما عقلوه وهم يعلمون 116
8 ولقد جاءكم موسى بالبينات ثم اتخذتم العجل من بعده وأنتم ظالمون 130
9 ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها ألم تعلم أن الله على كل شئ قدير 142
10 وإذا ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن 154
11 (الجزء الثاني) سيقول السفهاء من الناس ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها 170
12 إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما 181
13 ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر 192
14 يسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس والحج وليس البر بأن تأتوا البيوت من ظهورها 203
15 واذكروا الله في أيام معدودات 210
16 يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس و إثمهما أكبر من نفعهما 218
17 والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة 230
18 ألم تر إلى الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت 237
19 (الجزء الثالث) تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض 245
20 قول معروف ومغفرة خير من صدقة يتبعها أذى والله غني حميد 258
21 ليس عليك هداهم ولكن الله يهدي من يشاء 264
22 وإن كنتم على سفر ولم تجدوا كاتبا فرهان مقبوضة 271