ألم تر» تقرير وتعجيب كما سبق قطع عنه للإيذان باستقلاله في التعجب مع أن له مزيد ارتباط بما وسط بينهما من الامر بالقتال «إلى الملإ من بني إسرائيل» الملأ من القوم وجوههم وأشرافهم وهو اسم للجماعة لا واحد له من لفظه كالرهط والقوم سموا بذلك لما أنهم يملئون العيون مهابة والمجالس بهاء أو لأنهم مليئون بما يبتغي منهم ومن تبعيضية ومن في قوله تعالى «من بعد موسى» ابتدائية وعاملها مقدر وقع حالا من الملأ أي كائنين بعض بني إسرائيل من بعد وفاة موسى ولا ضير في اتحاد الحرفين لفظا عند اختلافهما معنى «إذ قالوا» منصوب بمضمر يستدعيه المقام أي ألم تر إلى قصة الملأ أو حديثهم حين قالوا «لنبي لهم» هو يوشع بن نون بن افرائيم بن يوسف عليهما السلام وقيل شمعون بن صعبة بن علقمة من ولد لاوي بن يعقوب عليهما السلام وقيل وقيل اشمويل بن بال بن علقمة وهو بالعبرانية إسماعيل قال مقاتل هو من نسل هارون عليه السلام وقال مجاهد اشمويل بن هلقايا «ابعث لنا ملكا نقاتل في سبيل الله» أي انهض للقتال معنا أميرا نصدر في تدبير امر الحرب عن رأيه وقرئ نقاتل بالرفع على أنه حال مقدرة أي ابعثه لنا مقدرين القتال أو استئناف مبني على السؤال وقرئ يقاتل بالياء مجزوما ومرفوعا على الجواب للأمر والوصف لملكا «قال» استئناف وقع جوابا عن سؤال ينساق اليه الذهن كأنه قيل فماذا قال لهم النبي حينئذ فقيل قال «قال هل عسيتم إن كتب عليكم القتال ألا تقاتلوا قالوا» فصل بين عسى وخبره بالشرط للاعتناء به أي هل قاربتم ان لا تقاتلوا كما أتوقعه منكم والمراد تقرير ان المتوقع كائن وانما لم يذكر في معرض الشرط ما التمسوه بأن قيل هل عسيتم ان بعثت لكم ملكا الخ مع أنه اظهر تعلقا بكلامهم بل ذكر كتابة القتال عليهم للمبالغة في بيان تخلفهم عنه فإنهم إذا لم يقاتلوا عند فرضية القتال عليهم بإيجاب الله تعالى فلأن لا يقاتلوا عند عدم فرضيته أولى ولأن إيراد ما ذكروه ربما يوهم ان سبب تخلفهم عن القتال هو المبعوث لا نفس القتال وقرئ عسيتم بكسر السين وهي ضعيفة «قالوا» استئناف كما سبق «وما لنا ألا نقاتل» أي أي سبب لنا في ان لا نقاتل «في سبيل الله وقد أخرجنا من ديارنا وأبنائنا» أي والحال أنه قد عرض لنا ما يوجب القتال ايجابا قويا من الاخراج عن الديار والأوطان والاغتراب من الأهل والأولاد وافراد الأبناء بالذكر لمزيد تقوية أسباب القتال وذلك ان جالوت رأس العمالقة وملكهم وهو جبار من أولاد عمليق بن عاد كان هو ومن معه من العمالقة يسكنون ساحل بحر الروم بين مصر وفلسطين وظهروا على بني إسرائيل وأخذوا ديارهم وسبوا أولادهم وأسروا من أبناء ملوكهم أربعمائة
(٢٣٩)