والشهيق النفس الطويل الممتد، مأخوذ من قولهم: جبل شاهق، أي طويل (1). والزفير والشهيق من أصوات المحزونين.
قوله تعالى: (خالدين فيها ما دامت السماوات والأرض) " ما دامت " في موضع نصب على الظرف، أي دوام السماوات والأرض، والتقدير: وقت ذلك. واختلف في تأويل هذا، فقالت. طائفة منهم الضحاك: المعنى ما دامت سماوات الجنة والنار وأرضهما والسماء كل ما علاك فأظلك، والأرض ما استقر عليه قدمك، وفي التنزيل: " وأورثنا الأرض نتبوأ من الجنة حيث نشاء " (2) [الزمر: 74]. وقيل: أراد به السماء والأرض المعهودتين في الدنيا وأجرى ذلك على عادة العرب في الإخبار. عن دوام الشئ وتأبيده، كقولهم: لا آتيك ما جن ليل، أو سال سيل، وما اختلف الليل والنهار، وما ناح الحمام، وما دامت السماوات والأرض، ونحو هذا مما يريدون به طولا من غير نهاية، فأفهمهم الله تخليد الكفرة بذلك.
وإن كان قد أخبر بزوال السماوات والأرض. وعن ابن عباس أن جميع الأشياء المخلوقة أصلها من نور العرش، وأن السماوات والأرض في الآخرة تردان إلى النور الذي أخذتا منه، فهما دائمتان أبدا في نور العرش.
قوله تعالى: (إلا ما شاء ربك) في موضع نصب، لأنه استثناء ليس من الأول، وقد اختلف فيه على أقوال عشرة: الأولى - أنه استثناء من قوله: " ففي النار " كأنه قال: إلا ما شاء ربك من تأخير قوم عن ذلك، وهذا قول رواه أبو نضرة عن أبي سعيد الخدري وجابر رضي الله عنهما. وإنما لم يقل من شاء، لأن المراد العدد لا الأشخاص، كقوله: " ما طاب لكم " (3) [النساء: 3]. وعن أبي نضرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم " إلا من شاء ألا يدخلهم وإن شقوا بالمعصية ". الثاني - أن الاستثناء إنما هو للعصاة من المؤمنين في إخراجهم بعد مدة من النار، وعلى هذا يكون قوله: " فأما الذين شقوا " عاما في الكفرة والعصاة، ويكون الاستثناء من " خالدين "، قاله قتادة والضحاك وأبو سنان وغيرهم.
وفي الصحيح من حديث أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يدخل ناس