القرى ". قال المهدوي من قرأ: " وكذلك أخذ ربك إذ أخذ " فهو إخبار عما جاءت به العادة في إهلاك من تقدم من الأمم، والمعنى: وكذلك أخذ ربك من أخذه من الأمم المهلكة إذ أخذهم. وقراءة الجماعة على أنه مصدر، والمعنى: كذلك أخذ ربك من أراد إهلاكه متى أخذه، فإذ لما مضى، أي حين أخذ القرى، وإذا للمستقبل (وهي ظالمة) أي وأهلها ظالمون، فحذف المضاف مثل: " واسأل القرية " [يوسف: 82]. (إن أخذه أليم شديد) أي عقوبته لأهل الشرك موجعة غليظة. وفي صحيح مسلم والترمذي حديث أبي موسى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " إن الله تعالى يملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته " ثم قرأ " وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى " الآية. قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح غريب.
قوله تعالى: (إن في ذلك لآية) أي لعبرة وموعظة. (لمن خاف عذاب الآخرة).
(ذلك يوم) ابتداء وخبر. (مجموع) من نعته. (له الناس) اسم ما لم يسم فاعله، ولهذا لم يقل مجموعون، فإن قدرت ارتفاع " الناس " بالابتداء، والخبر " مجموع له " فإنما لم يقل: مجموعون على هذا التقدير، لأن " له " يقوم مقام الفاعل. والجمع الحشر، أي يحشرون لذلك اليوم. (وذلك يوم مشهود) أي يشهده البر والفاجر، ويشهده أهل السماء. وقد ذكرنا هذين الاسمين مع غيرهما من أسماء القيامة في كتاب " التذكرة " وبينا هما والحمد الله.
قوله تعالى: (وما نؤخره) أي ما نؤخر ذلك اليوم. (إلا لأجل معدود) أي لأجل سبق به قضاؤنا، وهو معدود عندنا. (يوم يأتي) وقرئ " يوم يأت " لأن الياء تحذف إذا كان قبلها كسرة، تقول: لا أدر، ذكره القشيري. قال النحاس: قرأه أهل المدينة وأبو عمرو والكسائي بإثبات الياء في الإدراج، وحذفها في الوقف، وروي أن أبيا وابن مسعود قرءا " يوم يأتي " بالياء في الوقف والوصل. وقرأ الأعمش وحمزة " يوم يأت " بغير ياء في الوقف والوصل، قال أبو جعفر النحاس: الوجه في هذا ألا يوقف عليه، وأن يوصل بالياء، لأن جماعة من النحويين قالوا: لا تحذف الياء، ولا يجزم الشئ بغير جازم، فأما الوقف بغير ياء ففيه قول للكسائي، قال: لأن الفعل السالم يوقف عليه كالمجزوم، فحذف الياء، كما