تحذف الضمة. وأما قراءة حمزة فقد احتج أبو عبيد لحذف الياء في الوصل والوقف بحجتين إحداهما - أنه زعم أنه رآه في الإمام الذي يقال له إنه مصحف عثمان رضي الله عنه بغير ياء.
والحجة الأخرى - أنه حكى أنها لغة هذيل، تقول: ما أدر، قال النحاس: أما حجته بمصحف عثمان رضي الله عنه فشئ يرده عليه أكثر العلماء، قال مالك بن أنس رحمه الله: سألت عن مصحف عثمان رضي الله عنه فقيل لي ذهب، وأما حجته بقولهم: " ما أدر " فلا حجة فيه، لأن هذا الحذف قد حكاه النحويون القدماء، وذكروا علته، وأنه لا يقاس عليه.
وأنشد الفراء في حذف الياء.
كفاك كف ما تليق درهما * جودا وأخرى تعط بالسيف الدما أي تعطي. وقد حكى سيبويه والخليل أن العرب تقول: لا أدر، فتحذف الياء وتجتزئ بالكسرة، إلا أنهم يزعمون أن ذلك لكثرة الاستعمال. قال الزجاج: والأجود في النحو إثبات الياء، قال: والذي أراه اتباع المصحف وإجماع القراء، لأن القراءة سنة، وقد جاء مثله في كلام العرب. (لاتكلم نفس إلا بإذنه) الأصل تتكلم، حذفت إحدى التاءين تخفيفا. وفيه إضمار، أي لا تتكلم فيه نفس إلا بالمأذون فيه من حسن الكلام، لأنهم ملجئون إلى ترك القبيح. وقيل: المعنى لا تكلم بحجة ولا شفاعة إلا بإذنه. وقيل: إن لهم في الموقف وقتا يمنعون فيه من الكلام إلا بإذنه. وهذه الآية أكثر ما يسأل عنها أهل الإلحاد في الدين. فيقول لم قال: " لاتكلم نفس إلا بإذنه " و " هذا يوم لا ينطقون. ولا يؤذن لهم فيعتذرون " (1) [المرسلات: 36].
وقال في موضع من ذكر القيامة: " وأقبل بعضهم على بعض يتساءلون " (2) [الصافات: 27]. وقال: " يوم تأتي كل نفس تجادل عن نفسها " (3) [النحل: 111]. وقال: " وقفوهم إنهم مسؤولون " (2) [الصافات: 24]. وقال: " فيومئذ لا يسأل عن ذنبه إنس ولا جان " (4) [الرحمن: 39]. والجواب ما ذكرناه، وأنهم لا ينطقون بحجة تجب لهم وإنما يتكلمون بالإقرار بذنوبهم، ولوم بعضهم بعضا، وطرح بعضهم الذنوب على بعض، فأما التكلم والنطق بحجة لهم فلا، وهذا كما تقول للذي يخاطبك كثيرا، وخطابه فارغ عن