قوله تعالى: (ذلك من أنباء القرى نقصه عليك) " ذلك " رفع على إضمار مبتدأ، أي الأمر ذلك. وإن شئت بالابتداء، والمعنى: ذلك النبأ المتقدم من أنباء القرى نقصه عليك. (منها قائم وحصيد) قال قتادة: القائم ما كان خاويا على عروشه، والحصيد ما لا أثر له. وقيل: القائم العامر، والحصيد الخراب، قاله ابن عباس: وقال مجاهد: قائم خاوية على عروشها، وحصيد مستأصل، يعني محصودا كالزرع إذا حصد، قال الشاعر:
والناس في قسم المنية بينهم * كالزرع منه قائم وحصيد وقال آخر (1):
إنما نحن مثل خامة زرع * فمتى يأن يأت محتصده قال الأخفش سعيد: حصيد أي محصود، وجمعه حصدى وحصاد مثل مرضى ومراض، قال: يكون فيمن يعقل حصدى، مثل قتيل وقتلى. (وما ظلمناهم) أصل الظلم في اللغة وضع الشئ في غير موضعه، وقد تقدم في " البقرة " (2) مستوفى. (ولكن ظلموا أنفسهم) بالكفر والمعاصي. وحكى سيبويه أنه يقال: ظلم إياه (فما أغنت) أي دفعت. (عنهم آلهتهم التي يدعون من دون الله من شئ) في الكلام حذف، أي التي كانوا يعبدون، أي يدعون. (لما جاء أمر ربك وما زادهم غير تتبيب) أي غير تخسير، قاله مجاهد وقتادة. وقال لبيد:
فلقد بليت وكل صاحب جده * لبلى يعود وذاكم التتبيب والتبات الهلاك والخسران، وفيه إضمار، أي ما زادتهم عبادة الأصنام، فحذف المضاف، أي كانت عبادتهم إياها قد خسرتهم ثواب الآخرة.
(قوله تعالى: (وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى) أي كما أخذ هذه القرى التي كانت لنوح وعاد وثمود يأخذ جميع القرى الظالمة. وقرأ عاصم الجحدري وطلحة بن مصرف " وكذلك أخذ ربك إذ أخذ القرى " وعن الجحدري أيضا " وكذلك أخذ ربك " كالجماعة " إذ أخذ