وقيل: عذاب الاستئصال في الدنيا. وقيل: غلاء السعر، روي معناه عن ابن عباس.
وفي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم: " ما أظهر قوم البخس في المكيال والميزان إلا ابتلاهم الله بالقحط والغلاء ". وقد تقدم.
قوله تعالى: (ويا قوم أوفوا المكيال والميزان بالقسط) أمر بالإيفاء بعد أن نهى عن التطفيف تأكيدا. والإيفاء الإتمام. " بالقسط " أي بالعدل والحق، والمقصود أن يصل كل ذي كل نصيب إلى نصيبه، وليس يريد إيفاء المكيال والموزون لأنه لم يقل: أوفوا بالمكيال وبالميزان، بل أراد ألا تنقصوا حجم المكيال عن المعهود، وكذا الصنجات. (ولا تبخسوا الناس أشياءهم) أي لا تنقصوهم مما استحقوه شيئا. (ولا تعثوا في الأرض مفسدين) بين أن الخيانة في المكيال والميزان مبالغة في الفساد في الأرض، وقد مضى في " الأعراف " (1) زيادة لهذا، والحمد لله.
قوله تعالى: (بقية الله خير لكم) أي ما يبقيه الله لكم بعد إيفاء الحقوق بالقسط أكثر بركة، وأحمد عاقبة مما تبقونه أنتم لأنفسكم من فضل التطفيف بالتجبر والظلم، قال معناه الطبري، وغيره. وقال مجاهد: " بقية الله خير لكم " يريد طاعته. وقال الربيع: وصية الله. وقال الفراء: مراقبة الله. ابن زيد: رحمة الله. قتادة والحسن: حظكم من ربكم خير لكم. وقال ابن عباس: رزق الله خير لكم. (إن كنتم مؤمنين) شرط هذا لأنهم إنما يعرفون صحة هذا إن كانوا مؤمنين. وقيل: يحتمل أنهم كانوا يعترفون بأن الله خالقهم فخاطبهم بهذا.
(وما أنا عليكم بحفيظ) أي رقيب أرقبكم عند كيلكم ووزنكم، أي لا يمكنني شهود كل معاملة تصدر منكم حتى أؤاخذكم بإيفاء الحق. وقيل: أي لا يتهيأ لي أن أحفظكم من إزالة نعم الله عليكم بمعاصيكم.
(قوله تعالى: (قالوا يا شعيب أصلواتك) وقرئ " أصلاتك " من غير جمع. (تأمرك أن نترك ما يعبد آباؤنا) " أن " في موضع نصب، قال الكسائي: موضعها خفض على إضمار الباء.