فجاءوا يهرعون وهم أسارى * نقودهم على رغم الأنوف وقال آخر:
بمعجلات نحوه مهارع وهذا مثل: أولع فلان بالأمر، وأرعد زيد. وزهي فلان وتجئ ولا تستعمل إلا على هذا الوجه. وقيل: أهرع أي أهرعه حرصه، وعلى هذا " يهرعون " أي يستحثون عليه. ومن قال بالأول قال: لم يسمع إلا أهرع الرجل أي أسرع، على لفظ ما لم يسم فاعله. قال ابن القوطية: هرع الإنسان هرعا، وأهرع: سيق واستعجل. وقال الهروي يقال: هرع الرجل وأهرع أي استحث. قال ابن عباس وقتادة والسدي:
" يهرعون " يهرولون. الضحاك: يسعون. ابن عيينة: كأنهم يدفعون. وقال شمر بن عطية:
هو مشي بين الهرولة والجمزي. وقال الحسن: مشي بين مشيين، والمعنى متقارب. وكان سبب إسراعهم ما روي أن امرأة لوط الكافرة، لما رأت الأضياف وجمالهم وهيئتهم، خرجت حتى أتت مجالس قومها، فقالت لهم: إن لوطا قد أضاف الليلة فتية ما رؤي مثلهم جمالا، وكذا وكذا، فحينئذ جاءوا يهرعون إليه. ويذكر أن الرسل لما وصلوا إلى بلد لوط وجدوا لوطا في حرث له. وقيل: وجدوا ابنته تستقي ماء من نهر سدوم، فسألوها الدلالة على من يضيفهم، ورأت هيئتهم فخافت عليهم من قوم لوط، وقالت لهم: مكانكم! وذهبت إلى أبيها فأخبرته، فخرج إليهم، فقالوا: نريد أن تضيفنا الليلة، فقال لهم: أوما سمعتم بعمل هؤلاء القوم؟ فقالوا: وما عملهم؟ فقال أشهد بالله إنهم لشر قوم في الأرض - وقد كان الله عز وجل، قال لملائكته لا تعذبوهم حتى يشهد لوط عليهم أربع شهادات - فلما قال لوط هذه المقالة، قال جبريل لأصحابه: هذه واحدة، وتردد القول بينهم حتى كرر لوط الشهادة أربع مرات، ثم دخل بهم المدينة. قوله تعالى: (ومن قبل) أي ومن قبل مجئ الرسل. وقيل: من قبل لوط.
(كانوا يعملون السيئات) أي كانت عادتهم إتيان الرجال. فلما جاءوا إلى لوط وقصدوا