الثانية - قوله تعالى: (رحمة الله وبركاته) مبتدأ، والخبر (عليكم). وحكى سيبويه " عليكم " بكسر الكاف لمجاورتها الياء. وهل هو خبر أو دعاء؟ وكونه إخبارا أشرف، لأن ذلك يقتضى حصول الرحمة والبركة لهم، المعنى: أوصل الله لكم رحمته وبركاته أهل البيت. وكونه دعاء إنما يقتضى أنه أمر يترجى ولم يحصل بعد. ونصب (أهل البيت) على الاختصاص، وهذا مذهب سيبويه. وقيل: على النداء.
الثالثة - هذه الآية تعطى أن زوجة الرجل من أهل البيت، فدل هذا على أن أزواج الأنبياء من أهل البيت، فعائشة رضي الله عنها وغيرها من جملة أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم، ممن قال الله فيهم: " ويطهركم تطهيرا " وسيأتي.
الرابعة - ودلت الآية أيضا على أن منتهى السلام " وبركاته " كما أخبر الله عن صالحي عباده " رحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت ". والبركة النمو والزيادة، ومن تلك البركات أن جميع الأنبياء والمرسلين كانوا في ولد إبراهيم وسارة. وروى مالك عن وهب بن كيسان أبى نعيم عن محمد بن عمرو بن عطاء قال: كنت جالسا عند عبد الله بن عباس فدخل عليه رجل من أهل اليمن فقال: السلام عليك ورحمة الله وبركاته، ثم زاد شيئا مع ذلك، فقال ابن عباس - وهو يومئذ قد ذهب بصره - من هذا؟ فقالوا اليماني الذي يغشاك، فعرفوه إياه، فقال: إن السلام انتهى إلى البركة. وروى عن علي رضي الله عنه أنه قال:
دخلت المسجد فإذا أنا بالنبي صلى الله عليه وسلم في عصبة من أصحابه، فقلت: السلام عليكم، فقال: " وعليك السلام ورحمة الله عشرون لي وعشره لك ". قال: ودخلت الثانية، فقلت:
السلام عليكم ورحمة الله فقال: وعليك السلام ورحمة الله وبركاته ثلاثون لي وعشرون لك ".
فدخلت الثالثة فقلت: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته: فقال: " وعليك السلام ورحمة الله وبركاته ثلاثون لي وثلاثون لك أنا وأنت في السلام سواء. (إنه حميد مجيد) أي محمود ماجد. وقد بيناهما في " الأسماء الحسنى ".