وإنا رسل ربك، فافتح الباب ودعنا وإياهم، ففتح الباب فضربهم جبريل بجناحه على ما تقدم. وقيل: أخذ جبريل قبضة من تراب فأذراها في وجوههم، فأوصل الله إلى عين من بعد ومن قرب من ذلك التراب فطمس أعينهم، فلم يعرفوا طريقا، ولا اهتدوا إلى بيوتهم، وجعلوا يقولون: النجاء النجاء! فإن في بيت لوط قوما هم أسحر من على وجه الأرض، وقد سحرونا فأعموا أبصارنا. وجعلوا يقولون: يا لوط كما أنت حتى نصبح فسترى، يتوعدونه.
(قوله تعالى: (قالوا يا لوط إنا رسل ربك) لما رأت الملائكة حزنه واضطرابه ومدافعته عرفوه بأنفسهم، فلما علم أنهم رسل مكن قومه من الدخول، فأمر جبريل عليه السلام يده على أعينهم فعموا، وعلى أيديهم فجفت. (لن يصلوا إليك) أي بمكروه (فأسر بأهلك) قرئ " فاسر " بوصل الألف وقطعها، لغتان فصيحتان. قال الله تعالى:
" والليل إذا يسر " (1) [الفجر: 4] وقال: " سبحان الذي أسرى " (2) [الإسراء: 1] وقال النابغة: فجمع بين اللغتين:
أسرت (3) عليه من الجوزاء سارية * تزجي الشمال عليه جامد البرد وقال آخر:
حي النضيرة ربة الخدر * أسرت إليك ولم تكن تسري وقد قيل: " فأسر " بالقطع إذا سار من أول الليل، وسرى إذا سار من آخره، ولا يقال في النهار إلا سار. وقال لبيد:
إذا المرء أسرى ليلة ظن أنه * قضى عملا والمرء ما عاش عامل وقال عبد الله بن رواحة:
عند الصباح يحمد القوم السرى وتنجلي عنهم غيابات الكرى (بقطع من الليل) قال ابن عباس: بطائفة من الليل. الضحاك: ببقية من الليل.
قتادة: بعد مضي صدر من الليل. الأخفش: بعد جنح من الليل. ابن الأعرابي:
بساعة من الليل. وقيل: بظلمة من الليل. وقيل: بعد هدء من الليل. وقيل: هزيع