من المدينة (1). وقيل: الحنيذ السميط. ابن عباس وغيره: حنيذ نضيج. وحنيذ بمعنى محنوذ، وأنما جاء بعجل لأن البقر كانت أكثر أمواله.
الثانية - في هذه الآية من أدب الضيف أن يعجل قراه، فيقدم الموجود الميسر في الحال، ثم يتبعه بغيره إن كان له جدة، ولا يتكلف ما يضر به. والضيافة من مكارم الأخلاق، ومن آداب الإسلام، ومن خلق النبيين والصالحين. وإبراهيم أول من أضاف على ما تقدم في " البقرة " (2) وليست بواجبة عند عامة أهل العلم لقوله صلى الله عليه وسلم: " الضيافة ثلاثة أيام وجائزته يوم وليلة فما كان وراء ذلك فهو صدقة ". والجائزة العطية والصلة التي أصلها على الندب. وقال صلى الله عليه وسلم: " من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم جاره ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه ". وإكرام الجار ليس بواجب إجماعا، فالضيافة مثله. والله أعلم. وذهب الليث إلى وجوبها تمسكا بقوله صلى الله عليه وسلم: " ليله الضيف حق " إلى غير ذلك من الأحاديث. وفيما أشرنا إليه كفاية، والله الموفق للهداية. قال ابن العربي: وقد قال قوم: إن وجوب الضيافة كان في صدر الإسلام ثم نسخ، وهذا ضعيف، فأن الوجوب لم يثبت، والناسخ لم يرد وذكر حديث أبي سعيد الخدري خرجه الأئمة، وفيه: " فاستضفناهم فأبوا أن يضيفونا فلدغ سيد ذلك الحي " الحديث. وقال: هذا ظاهر في أن الضيافة لو كانت حقا للام النبي صلى الله عليه وسلم القوم الذين أبوا، ولبين لهم ذلك. الثالثة - اختلف العلماء فيمن يخاطب بها، فذهب الشافعي ومحمد بن عبد الحكم إلى أن المخاطب بها أهل الحضر والبادية. وقال مالك: ليس على أهل الحضر ضيافة. قال سحنون: إنما الضيافة على أهل القرى، وأما الحضر فالفندق ينزل فيه المسافر [حكى اللغتين (3) صاحب العين وغيره]. واحتجوا بحديث ابن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" الضيافة على أهل الوبر وليست على أهل المدر ". وهذا حديث لا يصح، وإبراهيم ابن أخي