موثقا من الله) أي عهدا من الله في حفظ ابنه، ورده إليه. (ومن قبل ما فرطتم في يوسف) " ما " في محل نصب عطفا على " أن " والمعنى: ألم تعلموا أن أباكم قد أخذ عليكم موثقا من الله، وتعلموا تفريطكم في يوسف، ذكره النحاس وغيره. و " من " في قوله: " ومن قبل " متعلقة ب " تعلموا ". ويجوز أن تكون " ما " زائدة، فيتعلق الظرفان اللذان هما " من قبل " و " في يوسف " بالفعل وهو " فرطتم ". ويجوز أن تكون " ما " والفعل مصدرا، و " من قبل " متعلقا بفعل مضمر، التقدير: تفريطكم في يوسف واقع من قبل، فما والفعل في موضع رفع بالابتداء، والخبر هو الفعل المضمر الذي يتعلق به " من قبل ". (فلن أبرح الأرض) (1) أي ألزمها، ولا أبرح مقيما فيها، يقال: برح براحا وبروحا أي زال، فإذا دخل النفي صار مثبتا. (حتى يأذن لي أبى) بالرجوع فإني أستحي منه. (أو يحكم الله لي) بالممر مع أخي فأمضي معه إلى أبي. وقيل: المعنى أو يحكم الله لي بالسيف فأحارب واخذ أخي، أو أعجز فانصرف بعذر، وذلك أن يعقوب قال: " لتأتنني به إلا أن يحاط بكم " [يوسف: 66] ومن حارب وعجز فقد أحيط به، وقال ابن عباس: وكان يهوذا إذا غضب وأخذ السيف فلا يرد وجهه مائة ألف، يقوم شعره في صدره مثل المسال فتنفذ من ثيابه. وجاء في الخبر أن يهوذا قال لإخوته - وكان أشدهم غضبا -: إما أن تكفوني الملك ومن معه أكفكم أهل مصر، وإما أن تكفوني أهل مصر أكفكم الملك ومن معه، قالوا: بل أكفنا الملك ومن معه نكفك أهل مصر، فبعث واحدا من إخوته فعدوا أسواق مصر فوجدوا فيها تسعة أسواق، فأخذ كل، واحد منهم سوقا، ثم إن يهوذا دخل على يوسف وقال: أيها الملك! لئن لم تخل معنا أخانا لأصيحن صيحة تبقي في مدينتك حاملا إلا أسقطت ما في بطنها، وكان ذلك خاصة فيهم عند الغضب، فأغضبه يوسف وأسمعه كلمه، فغضب يهوذا واشتد غضبه، وانتفجت (2) شعراته، وكذا كان كل واحد من بني يعقوب، كان إذا غضب، اقشعر جلده، وانتفخ جسده، وظهرت شعرات ظهره، من تحت الثوب، حتى تقطر من كل شعرة قطرة دم، وإذا ضرب الأرض برجله تزلزلت وتهدم البنيان، وإن صاح صيحة لم تسمعه حامل من النساء والبهائم
(٢٤٢)