والطير إلا وضعت ما في بطنها، تماما أو غير تمام، فلا يهدأ غضبه إلا أن يسفك دما، أو تمسكه يد من نسل يعقوب، فلما علم يوسف أن غضب أخيه يهوذا قد تم وكمل كلم ولدا له صغيرا بالقبطية، وأمره أن يضع يده بين كتفي يهوذا من حيث لا يراه، ففعل فسكن غضبه (1) وألقى السيف فالتفت يمينا وشمالا لعله يرى أحدا من إخوته فلم يره، فخرج مسرعا إلى إخوته وقال: هل حضرني منكم أحد؟ قالوا: لا! قال: فأين ذهب شمعون؟ قالوا: ذهب إلى الجبل، فخرج فلقيه، وقد أحتمل صخرة عظيمة، قال: ما تصنع بهذه؟ قال أذهب إلى السوق الذي وقع في نصيبي أشدخ بها رؤوس كل من فيه، قال: فارجع فردها أو ألقها في البحر، ولا تحدثن حدثا، فوالذي أتخذ إبراهيم خليلا! لقد مسني كف من نسل يعقوب.
ثم دخلوا على يوسف، وكان يوسف أشدهم بطشا، فقال: يا معشر العبرانيين! أتظنون أنه ليس أحد أشد منكم قوة، ثم عمد إلى حجر عظيم من حجارة الطاحونة فركله برجله فدحا به من خلف الجدار - الركل الضرب بالرجل الواحدة، وقد ركله يركله، قال الجوهري - ثم أمسك يهوذا بإحدى يديه فصرعه [لجنبه]، وقال: هات الحدادين أقطع أيديهم وأرجلهم وأضرب أعناقهم، ثم صعد على سريره وجلس على فراشه، وأمر بصواعه فوضع بين يديه، ثم نقره نقرة فخرج طنينه، فالتفت إليهم وقال: أتدرون ما يقول؟ قالوا: لا! قال: فإنه يقول:
إنه ليس على قلب أبي هؤلاء هم ولا غم ولا كرب إلا بسببهم، ثم نقر نقرة ثانية وقال: إنه يخبرني أن هؤلاء أخذوا أخا لهم صغيرا فحسدوه ونزعوه من أبيهم ثم أتلفوه، فقالوا: أيها العزيز!
أستر علينا ستر الله عليك، وامنن علينا من الله عليك، فنقره نقرة ثالثة وقال إنه يقول:
إن هؤلاء طرحوا صغيرهم في الجب، ثم باعوه بيع العبيد بثمن بخس، وزعموا لأبيهم أن الذئب أكله، ثم نقره رابعة وقال: إنه يخبرني أنكم أذنبتم ذنبا منذ ثمانين سنة لم تستغفروا الله منه، ولم تتوبوا إليه، ثم نقره خامسة وقال إنه يقول: إن أخاهم الذي زعموا أنه هلك لن تذهب الأيام حتى يرجع فيخبر الناس بما صنعوا، ثم نقره سادسة وقال إنه يقول: لو كنتم أنبياء أو بني أنبياء ما كذبتم ولا عققتم والدكم، لأجعلنكم نكالا للعالمين. ايتوني بالحدادين أقطع