على يوسف) ونسى ابنه بنيامين فلم يذكره، عن ابن عباس. وقال سعيد بن جبير: لم يكن عند يعقوب ما في كتابنا من الاسترجاع، ولو كان عنده لما قال: " يا أسفا على يوسف ".
قال قتادة والحسن: والمعنى يا حزناه (1)! وقال مجاهد والضحاك: يا جزعاه!، قال كثير:
فيا أسفا للقلب كيف انصرافه * وللنفس لما سليت فتسلت والأسف شدة الحزن على ما فات. والنداء على معنى: تعال يا أسف فإنه من أوقاتك.
وقال الزجاج: الأصل يا أسفي، فأبدل من الياء ألف لخفة الفتحة. (وابيضت عيناه من الحزن) قيل: لم يبصر بهما ست سنين، وأنه عمي، قال مقاتل. وقيل: قد تبيض العين ويبقى شئ من الرؤية، والله أعلم بحال يعقوب، وإنما ابيضت عيناه من البكاء، ولكن سبب البكاء الحزن، فلهذا قال: " من الحزن ". وقيل: إن يعقوب كان يصلي، ويوسف نائما معترضا بين يديه، فغط في نومه، فالتفت يعقوب إليه، ثم غط ثانية فالتفت إليه، ثم غط ثالثة فالتفت إليه سرورا به وبغطيطه، فأوحى الله تعالى إلى ملائكته: " أنظروا إلى صفيي وابن خليلي قائما في مناجاتي يلتفت إلى غيري، وعزتي وجلالي! لأنزعن الحدقتين اللتين التفت بهما، ولأفرقن بينه وبين من التفت إليه ثمانين سنة، ليعلم العاملون أن من قام بين يدي يجب عليه مراقبة نظري ".
هذا يدل على أن الالتفات في الصلاة - وإن لم يبطل - يدل على العقوبة عليها، والنقص فيها، وقد روى البخاري عن عائشة قالت: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الالتفات في الصلاة فقال: " هو اختلاس يختلسه الشيطان من صلاة العبد ".
وسيأتي ما للعلماء في هذا في أول سورة " المؤمنون " موعبا إن شاء الله تعالى.
الثالثة - قال النحاس: فإن سأل قوم عن معنى شدة حزن يعقوب - صلى الله عليه وسلم وعلى نبينا - فللعلماء في هذا ثلاثة أجوبة: منها - أن يعقوب صلى الله عليه وسلم لما علم أن يوسف صلى الله عليه وسلم حي خاف على دينه، فاشتد حزنه لذلك. وقيل:
إنما حزن لأنه سلمه إليهم صغيرا، فندم على ذلك. والجواب الثالث - وهو أبينها - هو أن