قوله تعالى: (لله ما في السماوات وما في الأرض) تقدم معناه.
قوله تعالى: (وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله) فيه مسألتان:
الأولى - اختلف الناس في معنى قوله تعالى: " وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله " على أقوال خمسة:
الأول - أنها منسوخة، قاله ابن عباس وابن مسعود وعائشة وأبو هريرة والشعبي وعطاء ومحمد بن سيرين ومحمد بن كعب وموسى بن عبيدة وجماعة من الصحابة والتابعين، وأنه بقى هذا التكليف حولا حتى أنزل الله الفرج بقوله: " لا يكلف الله نفسا إلا وسعها ".
[وهو قول ابن مسعود وعائشة وعطاء ومحمد بن سيرين ومحمد بن كعب وغيرهم (1)] وفى صحيح مسلم عن ابن عباس قال: لما نزلت " وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله " قال: دخل قلوبهم منها شئ لم يدخل قلوبهم من شئ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:
" قولوا سمعنا وأطعنا وسلمنا " قال: فألقى الله الايمان في قلوبهم فأنزل الله تعالى:
" لا يكلف الله نفسا إلا وسعها لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا " [قال: " قد فعلت (2) "] ربنا ولا تحمل علينا إصرا كما حملته على الذين من قبلنا [قال: " قد فعلت (2) "] ربنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به واعف عنا واغفر لنا وارحمنا أنت مولانا [فانصرنا على القوم الكافرين (3)] [قال: " قد فعلت (2) "]: في رواية فلما فعلوا ذلك نسخها الله ثم أنزل تعالى: " لا يكلف الله نفسا إلا وسعها " وسيأتي.
الثاني - قال ابن عباس وعكرمة والشعبي ومجاهد: إنها محكمة مخصوصة، وهي في معنى الشهادة التي نهي عن كتمها، ثم أعلم في هذه الآية أن الكاتم لها المخفي ما في نفسه محاسب.
الثالث - أن الآية فيما يطرأ على النفوس من الشك واليقين، وقال مجاهد أيضا.
الرابع - أنها محكمة عامة غير منسوخة، والله محاسب خلقه على ما عملوا من عمل وعلى ما لم يعملوه مما ثبت في نفوسهم وأضمروه ونووه وأرادوه، فيغفر للمؤمنين ويأخذ به أهل الكفر والنفاق، ذكره الطبري عن قوم، وأدخل عن ابن عباس ما يشبه هذا. روى عن علي