وما استكرهوا عليه " أي إثم ذلك. وهذا لم يختلف فيه أن الاثم مرفوع، وإنما اختلف فيما يتعلق على ذلك من الاحكام، هل ذلك مرفوع لا يلزم منه شئ أو يلزم أحكام ذلك كله؟
اختلف فيه. والصحيح أن ذلك يختلف بحسب الوقائع، فقسم لا يسقط باتفاق كالغرامات والديات والصلوات المفروضات. وقسم يسقط باتفاق كالقصاص والنطق بكلمة الكفر.
وقسم ثالث يختلف فيه كمن أكل ناسيا في رمضان أو حنث ساهيا، وما كان مثله مما يقع خطأ ونسيانا، ويعرف ذلك في الفروع.
العاشرة - قوله تعالى: (ربنا ولا تحمل علينا إصرا) أي ثقلا. قال مالك والربيع:
الإصر الامر الغليظ الصعب. وقال سعيد بن جبير: الإصر شدة العمل. وما غلظ على بني إسرائيل من البول ونحوه. قال الضحاك: كانوا يحملون أمورا شدادا، وهذا نحو قول مالك والربيع، ومنه قول النابغة:
يا مانع الضيم أن يغشى سراتهم * والحامل الإصر عنهم بعدما عرفوا (1) عطاء: الإصر المسخ قردة وخنازير، وقاله ابن زيد أيضا. وعنه أيضا أنه الذنب الذي ليس فيه توبة ولا كفارة. والإصر في اللغة العهد، ومنه قوله تعالى: " وأخذتم على ذلكم إصري (2) ". والإصر: الضيق والذنب والثقل. والإصار: الحبل الذي تربط به الأحمال ونحوها، يقال: أصر يأصر أصرا حبسه. والإصر (بكسر الهمزة) من ذلك قال الجوهري:
والموضع مأصر ومأصر والجمع مآصر، والعامة تقول معاصر. قال ابن خويز منداد: ويمكن أن يستدل بهذا الظاهر في كل عبادة ادعى الخصم تثقيلها، فهو نحو قوله تعالى: " وما جعل عليكم في الدين من حرج (3) "، وكقول النبي صلى الله عليه وسلم: " الدين يسر فيسروا ولا تعسروا ".
اللهم شق على من شق على أمة محمد صلى الله عليه وسلم.
قلت: ونحوه قال الكيا الطبري قال: يحتج به في نفى الحرج والضيق المنافى ظاهره للحنيفية السمحة، وهذا بين.