الرهائن، كله عن الجوهري. ابن عطية: ويقال بلا خلاف في البيع والقرض: رهنت رهنا، ثم سمى بهذا المصدر الشئ المدفوع تقول: رهنت رهنا، كما تقول رهنت ثوبا.
السادسة - قال أبو على: ولما كان الرهن بمعنى الثبوت، والدوام فمن ثم بطل الرهن عند الفقهاء إذا خرج من يد المرتهن إلى الراهن بوجه من الوجوه، لأنه فارق ما جعل باختيار المرتهن (1)] له.
قلت - هذا هو المعتمد عندنا في أن الرهن متى رجع إلى الراهن باختيار المرتهن بطل الرهن، وقاله أبو حنيفة، غير أنه قال: إن رجع بعارية أو وديعة لم يبطل. وقال الشافعي:
إن رجوعه إلى يد الراهن مطلقا لا يبطل حكم القبض المتقدم، ودليلنا " فرهان مقبوضة "، فإذا خرج عن يد القابض لم يصدق ذلك اللفظ عليه لغة، فلا يصدق عليه حكما، وهذا واضح.
السابعة - إذا رهنه قولا ولم يقبضه فعلا لم يوجب ذلك، حكما، لقوله تعالى: " فرهان مقبوضة " قال الشافعي: لم يجعل الله الحكم إلا برهن موصوف بالقبض، فإذا عدمت الصفة وجب أن يعدم الحكم، وهذا ظاهر جدا. وقالت المالكية: يلزم الرهن بالعقد ويجبر الراهن على دفع الرهن ليحوزه المرتهن، لقوله تعالى: " أوفوا بالعقود (2) " وهذا عقد، وقوله " بالعهد (3) " وهذا عهد. وقوله عليه السلام: " المؤمنون عند شروطهم " وهذا شرط، فالقبض عندنا شرط في كمال فائدته. وعندهما شرط في لزومه وصحته.
الثامنة - قوله تعالى: (مقبوضة) يقتضى بينونة المرتهن بالرهن. وأجمع الناس على صحة قبض المرتهن، وكذلك على قبض وكيله. واختلفوا في قبض عدل يوضع الرهن على يديه (4)، فقال مالك وجميع أصحابه وجمهور العلماء: قبض العدل قبض. وقال ابن أبي ليلى وقتادة والحكم وعطاء: ليس بقبض، ولا يكون مقبوضا إلا إذا كان عند المرتهن، ورأوا ذلك تعبدا.
وقول الجمهور أصح من جهة المعنى، لأنه إذا صار عند العدل صار مقبوضا لغة وحقيقة، لان العدل نائب عن صاحب الحق وبمنزلة الوكيل، وهذا ظاهر.
التاسعة - ولو وضع الرهن على يدي عدل فضاع لم يضمن المرتهن ولا الموضوع على يده، لان المرتهن لم يكن في يده شئ يضمنه. والموضوع على يده أمين والأمين غير ضامن.