" إن "، وإن شئت رفعت آثما بالابتداء، و " قلبه " فاعل يسد مسد الخبر والجملة خبر إن.
وإن شئت رفعت آثما على أنه خبر الابتداء تنوي به التأخير. وإن شئت كان " قلبه " بدلا من " آثم " بدل البعض من الكل. وإن شئت كان بدلا من المضمر الذي في " آثم ".
وتعرضت هنا ثلاث مسائل تتمة أربع وعشرين.
الأولى - اعلم أن الذي أمر الله تعالى به من الشهادة والكتابة لمراعاة صلاح ذات البين ونفى التنازع المؤدى إلى فساد ذات البين، لئلا يسول له الشيطان جحود الحق وتجاوز ما حد له الشرع، أو ترك الاقتصار على المقدار (1) المستحق، ولأجله حرم الشرع البياعات المجهولة التي اعتيادها يؤدى إلى الاختلاف وفساد ذات البين وإيقاع التضاغن والتباين. فمن ذلك ما حرمه الله من الميسر والقمار وشرب الخمر بقوله تعالى: " إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر (2) " الآية. فمن تأدب بأدب الله في أوامره وزواجره حاز صلاح الدنيا والدين، قال الله تعالى: " ولو أنهم فعلوا ما يوعظون به لكان خيرا لهم (3) " الآية.
الثانية - روى البخاري عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " من أخذ أموال الناس يريد أداءها أدى الله عنه ومن أخذها يريد إتلافها أتلفه الله ". وروى النسائي عن ميمونة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أنها استدانت، فقيل: يا أم المؤمنين، تستدينين وليس عندك وفاء؟ قالت: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
(من أخذ دينا وهو يريد أن يؤديه أعانه الله عليه). وروى الطحاوي وأبو جعفر الطبري والحارث بن أبي أسامة في مسنده عن عقبة بن عامر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
" لا تخيفوا الأنفس بعد أمنها " قالوا: يا رسول الله، وما ذاك؟ قال: " الدين ".
وروى البخاري عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم في دعاء ذكره: " اللهم أنى أعوذ بك من الهم والحزن والعجز والكسل والجبن والبخل وضلع الدين وغلبة الرجال ". قال العلماء:
ضلع الدين هو الذي لا يجد دائنه من حيث يؤديه. وهو مأخوذ من قول العرب: حمل مضلع أي ثقيل، ودابة مضلع لا تقوى على الحمل، قال صاحب العين. وقال صلى الله عليه وسلم: