[وكل من مات وله حق لم يستوفه في دار الدنيا فإنه يجب إعادته على كل حال، لأن الثواب دائم لا يمكن توفيره في دار الدنيا] 1). وأما من يستحق العوض فإنه يجوز أن يوفر عليه في الدنيا ولا يجب إعادته، لأن الغرض منقطع.
وأما من يستحق العقاب فلا يجب إعادته، لأن العقاب يحسن إسقاطه عقلا فإذا سقط لم يحسن استيفاؤه فيما بعد فلم يجب إعادته. فإذا علمنا أنه يعاقب الكافر لا محالة علمنا أنه يعيد المستحق للعقاب، ومن كان عقابه منقطعا فلا يكون كذلك إلا وهو مستحق الثواب الدائم بطاعاته، وإذا أعيد ربما استوفى عقابه ثم نقل إلى الثواب، وربما عفي عن عقابه وفعل به الثواب، فإعادته واجبة عقلا لما يرجع إلى استحقاق الثواب دون العقاب.
وقد أجمعت الأمة على أن الله تعالى يعيد أطفال المكلفين والمجانين وإن كان ذلك غير واجب عقلا، والقدر الذي يجب إعادته هو بنية الحياة التي متى انتقصت خرج الحي من كونه حيا.
ولا معتبر بالأطراف وأجزاء السمن لأن الحي لا يخرج بمفارقتها من كونه حيا. ألا ترى أن أحدنا قد يستحق المدح والذم ثم يسمن فلا يتغير حاله فيما يستحقه وكذلك يهزل واستحقاقه للمدح أو الذم كما كان، فعلم بذلك أنه لا اعتبار بهذه الأجزاء.
ومن قال يجب إعادة الحياة دون الجواهر فقوله باطل، لأن المستحق للثواب والعقاب هي الجملة التي تركبت من الجواهر وكيف يجوز التبدل بها فيؤدي إلى إيصال الثواب والعقاب إلى غير المستحق، والصحيح ما قلناه أولا.