من التفرقة بين المحسن والمسئ شكرا، وهو مجاز.
والعوض هو النفع المستحق الخالي من تعظيم وتبجيل، فبكونه نفعا يتميز من الألم، وبكونه مستحقا من النفع المتفضل به، وبكونه خاليا من تعظيم وتبجيل يتميز من الثواب على ما بيناه.
ويستحق المدح بفعل الواجب والندب وبالامتناع من القبيح وبإسقاط الحقوق المستحقة كإسقاط العقاب من الله تعالى، وكذلك من أسقط دينه عن غيره استحق المدح. ولا يستحق المدح إلا بهذه الأربعة أشياء، لأن فعل المباح والقبيح لا مدخل له في استحقاق المدح.
ولا يستحق المدح بفعل الواجب إلا إذا فعل لوجه وجوبه أو لوجوبه، لأنه لو فعله ساهيا لما استحق المدح، ولو فعله اتباعا للشهوة لما استحق عليه المدح أيضا.
والندب لا يستحق به المدح إلا إذا فعل لكونه ندبا، ومتى فعل لنفع عاجل أو شهوة لم يستحق المدح. فعلى هذا لا يصح فعل الواجب والندب على الوجه الذي يستحق به المدح إلا ممن كان عالما بوجوبه أو وجه وجوبه وبكونه ندبا أو وجه كونه ندبا.
والقبيح لا يستحق المدح بتركه إلا إذا كان تركه لكونه قبيحا، ولا بد من أن يكون عالما بالقبيح أو وجه القبيح حتى يصح منه تركه لذلك.
وكلما يستحق به المدح يستحق به الثواب، بشرط حصول المشقة فيه أو في سببه أو ما يتصل به، لأن الواطي لزوجته يستحق المدح والثواب، وإن كان فعل لذة لكن قصر النفس عليه والتزام النفقة والمؤنة عليه فيه مشقة. ولولا المشقة لجاز أن يستحق المدح والثواب على فعل اللذات والمنافع، والمعلوم خلافه.
وأيضا لو لم يعتبر حصول المشقة في استحقاق الثواب للزم أن يستحق القديم تعالى الثواب إذا فعل الواجب أو التفضل ولم يفعل القبيح، وذلك باطل.