قلنا: لا يجوز أن يتفق قتل الخلق العظيم في وقت يعلم الله تعالى أن الصلاح احترام جميعهم لولا القتل، وليس ذلك بمبطل لما قلناه، لأن الكلام في كل مقتول معين أن يجوز بقاؤه وموته على حد واحد، لأن الواحد ومن يجري مجراه يجوز أن يتفق مثله في وقت كان يجوز أن تقتضي المصلحة إماتته لولا القتل كما يجوز اتفاق الصدق من الواحد والاثنين في خبر بعينه وإن لم يكن ذلك في الجماعة جائزا.
وأما الرزق فهو ما صح الانتفاع به للمرزوق على وجه ليس لأحد منعه أو ما هو بالانتفاع به أولى. والدليل على ذلك: أن ما اختص بهذه الصفة سمي رزقا وما لا يكن كذلك لا يسمى رزقا.
ولا يصح الرزق عليه تعالى، لاستحالة المنافع عليه.
والبهائم مرزوقة لجواز الانتفاع عليها، وكل شئ ليس لنا منعها منه فهو رزقها نحو شرب الماء من النهر الكبير أو ما تأخذ بفيها من الكلأ المباح. وقيل ذلك لا يسمى زرقا لها، لأن لنا منعها منه بالسبق لها إليه، ومتى سمي الكلأ والماء قبل التناول بأنه رزق لانسان أو بهيمة كان مجازا، ومعناه أنه يصير رزقا له إذا تناوله.
والملك والرزق يتداخلان في الشاهد ولا ينفصلان، والقديم يوصف بأنه مالك ولا يوصف بأنه مرزوق، لما قلناه من استحالة المنافع عليه، فصار من شرط تسميته رزقا صحة الانتفاع به، وليس ذلك من شرط تسميته بالملك.
وفي الناس من قال الملك منفصل من الرزق لأنهم يقولون في الكلأ والماء أنه رزق للبهائم ولا يسمونه بأنه ملك لها.