والرزق يضاف إلى الله تعالى تارة وأخرى إلى العباد، فإذا أريد بالرزق الجسم الذي يصح الانتفاع به أو بطعمه أو رائحته فمعلوم أن ذلك من خلق الله تعالى فيضاف إليه لا محالة، ومتى عبر به عن تصرفنا فيه على الوجه الذي ينتفع به فإنه أيضا يضاف إليه تعالى، لأنه لولاه لما صح منا التصرف والانتفاع به، لأنه مكن منه بالقدرة والآلات، ولو لم يكن إلا خلق الحياة والشهوة لكفى لأنهما الأصل في المنافع، فإضافته إليه تعالى من هذا الوجه واجبة.
وأما ما يضاف إلى الواحد منا فيجوز أن يهبه له أو يوصى له وما يجري مجراه، فإنه يقال رزقه. ومن ذلك قولهم إن رزق السلطان جنده ولا يقال فيما يملك بالمعاوضة بالبيع أنه رزق من البائع، لأنه قد أخذ عوضه، ولا يقال في الميراث أنه رزق من الميت لأن سبب ذلك من غير جهته وبغير اختياره، وكذلك لا يقال أن الغنائم رزق من الكفار لأنها بغير اختيارهم، بل كل ذلك رزق من الله تعالى الذي حكم به.
وأما السعر فإنه عبارة عن تقدير البدل فيما يباع به الأشياء، ولا يسمى نفس البدل بأنه سعر، فلا يقولون فيمن معه دراهم ودنانير أن معه أسعارا وإن كانت أثمانا للمبيعات وبوصف تقديرها بذلك فيقال هذا المتاع بكذا وكذا درهما.
ولا يلزم على ذلك قيم المتلفات أن يسمى سعرا، لأنا تحرزنا منه بقولنا " فيما يباع به الأشياء ".
وفي الناس من شرط في حد السعر أن يكون ذلك على جهة التراضي، احترازا من قيم المتلفات. وذكر البيع على ما قلناه يغني عن ذلك.
والسعر يكون غالبا ويكون رخيصا، فالرخص هو انحطاط السعر عما جرت