علمنا أنهم أخلو بشرط من شرائطه، ومتى فرضنا أنهم لم يخلوا بشئ من ذلك فهم عالمون إلا أنهم مكابرون.
والنظر لا يولد الجهل، لأنه لو ولده لقبح النظر كله، لأن ما يؤدي إلى القبيح قبيح، وقد علمنا حسن كثير من الأنظار. وإنما قلنا يؤدي إلى ذلك لأن الناظر لا يفصل بين النظر المؤدي إلى العلم وبين النظر المؤدي إلى الجهل، وكان ينبغي أن يقبح كله.
والتقليد قبيح في العقل، لأنه لو كان صحيحا لم يكن تقليد الموحد أولى من تقليد الملحد مع ارتفاع النظر.
ولا يمكن أن يرجح قول الأكثر أو قول من يظهر الورع والزهد، لأن جميع ذلك يتفق في المحق والمبطل، وقد استوفينا ذلك في أول الكتاب.
وأيضا فلو حسن التقليد لقبح إظهار المعجزات على أيدي الأنبياء، لأنها كانت تكون عبثا، لأن التقليد على هذا المذهب جائز من دونها.
فإن قيل: كيف يكلف الله المعرفة وهي تجري مجرى الحدس والتخمين لأن الناظر لا يدري أن نظره يولد علما أو غيره وإنما يعلم ذلك بعد حصول العلم.
قيل له: إذا علمنا حسن النظر بل وجوبه علمنا أنه لا يثمر جهلا ولا قبيحا فيأمن من عاقبته أن تكون غير محمودة، ولو قدح ذلك في وجوب المعرفة لقدح في كل نظر، والمعلوم خلافه.
وبمثله نجيب من قال: كيف يجب علينا ما لا نعرفه ولا نميزه. بأن نقول:
تميز السبب ومعرفته تغني عن تميز المسبب على التفصيل، والعاقل يميز النظر فكأنه ميز المعرفة.
ووجه وجوب النظر خوف المضرة من تركه وتأميل زوالها بفعله، فيجب