تذوقي عسيلته ويذوق عسيلتك " والمراد بالعسيلة الجماع شبه اللذة فيه بالعسل، فلبثت ما شاء الله ثم عادت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقالت: إن زوجي مسني فكذبها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال: كذبت في الأول فلن أصدقك في الآخر، فلبثت حتى قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأتت أبا بكر فاستأذنت، فقال: لا ترجعي إليه فلبثت حتى مضى لسبيله، فأتت عمر فاستأذنت فقال لئن رجعت إليه لأرجمنك، وفي قصة رفاعة نزل قوله: * (فإن طلقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره) *.
أما القياس فلأن المقصود من توقيف حصول الحل على هذا الشرط زجر الزوج عن الطلاق لأن الغالب أن الزوج يستنكر أن يفترش زوجته رجل آخر، ولهذا المعنى قال بعض أهل العلم إنما حرم الله تعالى على نساء النبي أن ينكحن غيره لما فيه من الغضاضة، ومعلوم أن الزجر إنما يحصل بتوقيف الحل على الدخول فأما مجرد العقد فليس فيه زيادة نفرة فلا يصح جعله مانعا وزاجرا.
المسألة الثانية: قال الشافعي: إذا طلق زوجته واحدة أو اثنتين، ثم نكحت زوجا آخر وأصابها، ثم عادت إلى الأول بنكاح جديد لم يكن له عليها إلا طلقة واحدة، وهي التي بقيت له من الطلقات الأولى، وقال أبو حنيفة: بل يملك عليها ثلاثا كما لو نكحت زوجا بعد الثلاث، حجة الشافعي أن هذه طلقة ثالثة، فوجب أن تحصل الحرمة الغليظة، إنما قلنا إنها طلقة ثالثة لأنها طلقة وجدت بعد الطلقتين، والطلقة الثالثة موجبة للحرمة الغليظة، لقوله تعالى: * (فإن طلقها فلا تحل له من بعد) * الآية وقوله: * (فإن طلقها) * أعم من أن يطلقها الطلقة الثالثة مسبوقا بنكاح غيره، أو غير مسبوق بنكاح غيره فكان الكل داخلا فيه.
المسألة الرابعة: مذهب الشافعي رضي الله عنه: إذا تزوج بالمطلقة ثلاثا للغير على أنه إذا أحلها للأول بأن أصابها فلا نكاح بينهما، فهذا نكاح متعة بأجل مجهول، وهو باطل ولو تزوجها بشرط أن لا يطلقها إذا أحلها للأول ففيه قولان أحدهما: لا يصح والثاني: يصح ويبطل الشرط وبه قال أبو حنيفة، ولو تزوجها مطلقا معتقدا بأنه إذا أحلها طلقها فالنكاح صحيح ويكره ذلك ويأثم به، وقال مالك والثوري وأحمد: هذا النكاح باطل دليلنا أن الآية تدل على أن الحرمة تنتهي بوطء مسبوق بعقد، وقد وجدت فوجب القول بانتهاء الحرمة وحيث حكمنا بفساد النكاح، فوطئها هل يقع به التحليل قولان والأصح أنه لا يقع به التحليل.
أما قوله تعالى: * (فإن طلقها) * فالمعنى: إن طلقها الزوج الثاني الذي تزوجها بعد الطلقة الثالثة لأنه تعالى قد ذكره بقوله: * (حتى تنكح زوجا غيره فلا جناح عليهما) * أي على المرأة المطلقة والزوج