أي: من أخبرك بأني أفشيت سرك؟ (قال نبأني العليم الخبير) ثم خاطب عائشة وحفصة، فقال:
(إن تتوبا إلى الله) [أي]: من التعاون على رسول الله [صلى الله عليه وسلم] بالإيذاء (فقد صغت قلوبكما) قال ابن عباس: زاغت، وأثمت. قال الزجاج: عدلت، وزاغت عن الحق. قال مجاهد: كنا نرى قوله [عز وجل]: " فقد صغت قلوبكما " شيئا هينا حتى وجدناه في قراءة ابن مسعود: فقد زاغت قلوبكما. وإنما جعل القلبين جماعة لأن كل اثنين فما فوقهما جماعة. وقد أشرنا إلى هذا في قوله [عز وجل]: (فإن كان له إخوة) وقوله تعالى: (إذ تسوروا المحراب). قال المفسرون:
وذلك أنهما أحبا ما ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم من أخبار جاريته، (وإن تظاهرا عليه) وقرأ ابن مسعود، وأبو عبد الرحمن ومجاهد، والأعمش " تظاهرا " بتخفيف الظاء، أي: تعاونا على النبي [صلى الله عليه وسلم] بالإيذاء (فإن الله هو مولاه) أي: وليه في العون، والنصرة (وجبريل) وليه (وصالح المؤمنين) وفي المراد بصالح المؤمنين ستة أقوال:
أحدها: أنهم أبو بكر وعمر، قاله ابن مسعود، وعكرمة، والضحاك.
والثاني: أبو بكر، رواه مكحول عن أبي أمامة.
والثالث: عمر بن الخطاب قاله سعيد بن جبير، ومجاهد.
والرابع: خيار المؤمنين، قاله الربيع بن أنس.
والخامس: أنهم الأنبياء، قاله قتادة، والعلاء بن زياد العدوي، وسفيان.
والسادس: أنه علي بن أبي طالب عليه السلام، حكاه الماوردي، قاله الفراء: " وصالح المؤمنين " موحد في مذهب جميع، كما تقول: لا يأتيني إلا سائس الحرب، فمن كان ذا سياسة للحرب، فقد أمر بالمجئ، ومثله قوله [عز وجل]: (والسارق والسارقة)، قوله: (واللذان