أحدهما: أن حفصة ذهبت إلى أبيها تتحدث عنده، فأرسل النبي صلى الله عليه وسلم إلى جاريته، فظلت معه في بيت حفصة، وكان اليوم الذي يأتي فيه عائشة، فرجعت حفصة، فوجدتها في بيتها، فجعلت تنتظر خروجها، وغارت غيرة شديدة. فلما دخلت حفصة قالت: قد رأيت من كان عندك. والله لقد سؤتني، فقال النبي صلى الله عليه وسلم " والله لأرضينك، وإني مسر إليك سرا فاحفظيه " قالت: وما هو؟ قال: " إني [أشهدك] أن سريتي هذه علي حرام رضى لك "، وكانت عائشة وحفصة متظاهرتين على نساء النبي صلى الله عليه وسلم، فانطلقت حفصة إلى عائشة، فقالت [لها]: أبشري، إن النبي صلى الله عليه وسلم قد حرم عليه فتاته. فنزلت هذه [الآية] رواه العوفي عن ابن عباس: وقد روي عن عمر نحو هذا المعنى، وقال فيه: فقالت حفصة: كيف تحرمها، عليك،؟! فحلف لها أن لا يقربها، فقال لها: " لا تذكريه لأحد " فذكرته لعائشة، فآلى أن لا يدخل على نسائه شهرا، فنزلت هذه الآية وقال الضحاك: قال لها: " لا تذكري لعائشة ما رأيت " فذكرته، فغضبت عائشة، ولم تزل بنبي الله حتى حلف أن لا يقربها، فنزلت هذه الآية، وإلى هذا المعنى: ذهب سعيد بن جبير، ومجاهد، وعطاء، والشعبي، ومسروق، ومقاتل، والأكثرون.
والثاني: ما روى عروة عن عائشة قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب الحلواء والعسل، وكان إذا انصرف من صلاة العصر دخل على نسائه، فدخل على حفصة بنت عمر، واحتبس عندها، فسألت عن ذلك، فقيل أهدت: لها امرأة من قومها عكة من عسل، فسقت رسول الله [صلى الله عليه وسلم] فقلت:
أما والله لنحتالن له، فقلت لسودة: إنه سيدنو منك إذا دخل عليك، فقولي له: يا رسول الله أكلت مغافير، فإنه سيقول لك: سقتني حفصة شربة عسل، فقولي: جرست نحلة العرفط وسأقول ذلك، وقولي أنت يا صفية ذلك، فلما دنا من سودة قالت له ذلك ولما دخل علي قلت له مثل ذلك فلما دار إلى صفية قالت له مثل ذلك [فلما] دار إلى حفصة قالت له: يا رسول الله أسقيك منه؟ قال: لا حاجة لي فيه. قالت: تقول: سودة سبحان الله، والله لقد حرمناه قلت لها: اسكتي، أخرجه البخاري ومسلم في " الصحيحين ". وفي رواية ابن أبي مليكة عن ابن عباس أن التي شرب عندها العسل سودة، فقالت له عائشة: إني لأجد منك ريحا، ثم دخل على حفصة، فقالت: إني أجد