تأتيهم رسلهم بالبينات فقالوا أبشر يهدوننا فكفروا واستغنى الله والله غني حميد (6) وقد سبق تفسير فاتحتها إلى قوله [عز وجل]: (فمنكم كافر ومنكم مؤمن) وفيه قولان.
أحدهما: أن الله خلق بني آدم مؤمنا وكافرا، رواه الوالبي عن ابن عباس. والأحاديث تعضد هذا القول، كقوله صلى الله عليه وسلم: " خلق فرعون في بطن أمه كافرا، وخلق [يحيى] بن زكريا في بطن أمه مؤمنا "، وقوله: " فيؤمر الملك بأربع كلمات: بكتب رزقه، وأجله، وعمله، وشقي أم سعيد.
والثاني: أن تمام الكلام عند قوله [عز وجل]: (خلقكم) ثم وصفهم، فقال [عز وجل]: (فمنكم كافر ومنكم مؤمن)، واختلف أرباب هذا القول فيه على أربعة أقوال.
أحدها: فمنكم كافر يؤمن، ومنكم مؤمن يكفر، قاله أبو الجوزاء عن ابن عباس.
والثاني: فمنكم كافر في حياته مؤمن في العاقبة، ومنكم مؤمن في حياته كافر في العاقبة [، قاله أبو سعيد الخدري.
والثالث: فمنكم كافر بالله مؤمن بالكواكب،] ومنكم مؤمن بالله كافر بالكواكب، قاله عطاء بن أبي رباح، وعنى بذلك شأن الأنواء.
والرابع: فمنكم كافر بالله خلقه، حكاه الزجاج، والكفر بالخلق مذهب الدهرية، وأهل الطبائع. وما بعد هذا قد سبق إلى قوله [عز وجل]: (وصوركم فأحسن صوركم) قال الزجاج: أي: خلقكم أحسن الحيوان كله. وقرأ الأعمش " صوركم " بكسر الصاد. ويقال في جمع الصورة: صور، وصور، وصور، كما يقال في جمع لحية: لحى،