والثالث: أن قريشا قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم: إن سرك أن نتبع دينك عاما، وترجع إلى ديننا عاما، فنزلت هذه السورة، قاله وهب. قال مقاتل في آخرين: نزلت هذه السورة في أبي جهل وفي المستهزئين، ولم يؤمن من الذين نزلت فيهم أحد. وأما قوله [عز وجل]: (لا أعبد) فهو في موضع " من " ولكنه جعل مقابلا لقوله [عز وجل]: (ما تعبدون) وهي الأصنام. وفي تكرار الكلام قولان.
أحدهما: أنها لتأكيد الأمر، وحسم أطماعهم فيه، قاله الفراء. وقد أنعمنا شرح هذا في سورة الرحمن.
والثاني: أن المعنى: (لا أعبد ما تعبدون) في حالي هذه (ولا أنتم) في حالكم هذه (عابدون ما أعبد، ولا أنا عابد ما عبدتم) فيما أستقبل، وكذلك أنتم، فنفى عنه وعنهم ذلك في الحال والاستقبال، وهذا في قوم بأعيانهم، أعلمه الله عز وجل أنهم لا يؤمنون، كما ذكرنا عن مقاتل، فلا يكون حينئذ تكرارا، هذا قول ثعلب، والزجاج. وقوله [عز وجل]: (لكم دينكم ولي دين) فتح ياء " ولي " نافع، وحفص، وأبان عن عاصم. وأثبت ياء " ديني " في الحالين يعقوب.
وهذا منسوخ عند المفسرين أهل بآية السيف.