ترد واحدا ذكرته بالتوحيد وبالجمع.
والثاني: إلى النار، قاله الحسن، وأبو العالية، ومجاهد. والمعنى: إنا نفعل هذا بكثير من الناس. تقول العرب: أنفق فلان ماله على فلان، وإنما أنفق بعضه، ومثله قوله [عز وجل]: (الذي يؤتي ماله يتزكى) لم يرد كل ماله. ثم استثنى من الإنسان فقال [عز وجل]: (إلا الذين آمنوا) لأن معنى الإنسان الكثير. وللمفسرين في معنى الاستثناء قولان:
أحدهما: إلا الذين آمنوا، فإنهم لا يردون إلى الخرف، وأرذل العمر وإن عمروا طويلا، وهذا على القول الأول. قال ابن عباس: من قرأ القرآن لم يرد إلى أرذل العمر، وقال إبراهيم النخعي: إذا بلغ [المؤمن] من الكبر ما يعجز عن العمل كتب له ما [كان] يعمل، وهو قوله [عز وجل]: (فلهم أجر غير ممنون) وقال ابن قتيبة: المعنى: إلا الذين آمنوا في وقت القوة والقدرة، فإنهم في حال الكبر غير منقوصين وإن عجزوا عن الطاعات، لأن الله عز وجل يعلم أنه لو لم يسلبهم القوة لم ينقطعوا عن أفعال الخير، فهو يجري [لهم] أجر ذلك.
والثاني: إلا الذين آمنوا، فإنهم لا يردون إلى النار، وهذا على القول الثاني. وقد شرحنا معنى " الممنون " في " ن ".
قوله [عز وجل]: (فما يكذبك بعد بالدين) فيه قولان:
أحدهما: فما يكذبك أيها الإنسان بعد هذه الحجة " بالدين " أي: ما الذي يجعلك مكذبا بالجزاء؟! وهذا توبيخ للكافر، وهو معنى قول مقاتل. وزعم أنها نزلت في عدي بن ربيعة.
والثاني: فمن يقدر على تكذيبك بالثواب والعقاب بعدما تبين له خلقنا الإنسان على ما وصفنا، قاله الفراء. فأما " الدين " فهو الجزاء. والمشار إليه بذكره إلى البعث، كأنه استدل بتقلب الأحوال على البعث.
قوله [عز وجل]: (أليس الله بأحكم الحاكمين) أي: بأقضى القاضين، قال مقاتل: يحكم بينك وبين مكذبيك. وذكر بعض المفسرين: أن معنى هذه الآية تسليته في تركهم والإعراض عنهم.
ثم نسخ هذا المعنى بآية السيف.