قوله [عز وجل]: (يوفون بالنذر) قال الفراء: فيه إضمار " كانوا " يوفون بالنذر. وفيه قولان:
أحدهما: يوفون بالنذر إذا نذروا في طاعة الله، قاله مجاهد، وعكرمة.
والثاني: يوفون بما فرض الله عليهم، قاله قتادة. ومعنى " النذر " في اللغة: الإيجاب.
فالمعنى يوفون بالواجب عليهم قوله (ويخافون يوما كان شره مستطيرا) قال ابن عباس: فاشيا.
وقال ابن قتيبة: فاشيا منتشرا. يقال: استطار الحريق: إذا انتشر، واستطار الفجر: إذا انتشر الضوء. وأنشدوا للأعشى:
فبانت فقال وقد أسأرت في الفؤاد * صدعا على نأيها مستطيرا وقال مقاتل: كان شره فاشيا في السماوات، وانشقت، وتناثرت الكواكب، وفزعت الملائكة، وكورت الشمس والقمر في الأرض، فنسفت الجبال، وغارت المياه، وتكسر كل شئ على وجه الأرض من جبل، وبناء، وفشا شر يوم القيامة فيهما.
قوله [عز وجل]: (ويطعمون الطعام على حبه) اختلفوا فيمن نزلت على قولين.
أحدهما: نزلت في علي بن أبي طالب. آجر نفسه يسقي نخلا بشئ من شعير ليلة حتى الصبح. فلما قبض الشعير طحن ثلثه، وأصلحوا منه شيئا يأكلونه، فلما استوى أتى مسكين، فأخرجوه إليه، ثم عمل الثلث الثاني، فلما تم أتى يتيم، فأطعموه، ثم عمل الثلث الباقي، فلما ثم جاء أسير من المشركين، فأطعموه وطووا يومهم ذلك، فنزلت هذه الآيات، رواه عطاء عن ابن عباس.
والثاني: أنها نزلت في أبي الدحداح الأنصاري صام يوما، فلما أراد أن يفطر جاء مسكين، ويتيم، وأسير، فأطعمهم ثلاثة أرغفة، وبقي له ولأهله رغيف واحد، فنزلت فيهم هذه الآية، قاله مقاتل. وفي هاء الكناية في قوله [عز وجل] " على حبه " قولان:
أحدهما: ترجع إلى الطعام، فكأنهم كانوا يؤثرون وهم محتاجون إليه، وهذا قول ابن عباس، ومجاهد، والزجاج، والجمهور.
والثاني: انها ترجع إلى الله تعالى، قاله الداراني. وقد سبق معنى " المسكين واليتيم ". وفي