أي: يعبده. وكان يصلي ببطن نخلة على ما سبق بيانه في الأحقاف (كادوا يكونون عليه لبدا) قرأ الأكثرون: بكسر اللام، وفتح الباء. [وقرأ هشام عن ابن عامر، وابن محيصن " لبدا " بضم اللام، وفتح الباء] مع تخفيفها. قال الفراء: ومعنى القولين واحد. يقال: لبدة، ولبدة. قال الزجاج:
والمعنى: كادوا يركب بعضهم بعضا. ومنه اشتقاق اللبد الذي يفترش. وكل شئ أضفته إلى شئ فقد لبدته. وقرأ قوم منهم الحسن، والجحدري: " لبدا " بضم اللام مع تشديد الباء. قال الفراء: فعلى هذه القراءة يكون صفة للرجال، كقولك: ركعا وركوعا، وسجدا وسجودا. وقال الزجاج: هو جمع لابد، مثل راكع، وركع. وفي معنى الآية ثلاثة أقوال:
أحدها: أنه من إخبار الله تعالى عن الجن يحكي حالهم. والمعنى: أنه لما قام يصلي كاد الجن لازدحامهم عليه يركب بعضهم بعضا، حرصا على سماع القرآن، رواه عطية عن ابن عباس.
والثاني: أنه من قول الجن لقومهم لما رجعوا إليهم، فوصفوا لهم طاعة أصحاب محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم وائتمامهم به في الركوع، والسجود، فكأنهم قالوا: لما قام يصلي كاد أصحابه يكونون عليه لبدا. وهذا المعنى في رواية ابن جبير عن ابن عباس.
والثالث: أن المعنى: لما قام رسول الله [صلى الله عليه وسلم] بالدعوة تلبدت الإنس والجن، وتظاهروا عليه، ليبطلوا الحق الذي جاء به، قاله الحسن، وقتادة، وابن زيد.
قوله [عز وجل]: (قل إنما أدعو ربي) قرأ عاصم، وحمزة " قل [إنما أدعو ربي "] بغير ألف. وقرأ الباقون " قال " على الخبر عن النبي صلى الله عليه وسلم. قال مقاتل: إن كفار مكة قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم:
إنك جئت بأمر عظيم لم يسمع بمثله فارجع عنه، فنزلت هذه الآية.
قوله [عز وجل]: ([قل] لا أملك لكم ضرا) أي: لا أدفعه عنكم (ولا) أسوق إليكم (رشدا) أي: خيرا، أي: إن الله تعالى يملك ذلك، لا أنا (قل إني لن يجيرني من الله أحد) أي:
إن عصيته لم يمنعني منه أحد، وذلك أنهم قالوا له اترك ما تدعو إليه ونحن نجيرك (ولن أجد من