ومكروا مكرا كبارا (22) وقالوا لا تذرن آلهتكم ولا تذرن ودا ولا سواعا ولا يغوث ويعوق ونسرا (23) وقد أضلوا كثيرا ولا تزد الظالمين إلا ضلالا (24) قوله [عز وجل]: (فلم يزدهم دعائي إلا فرارا) أي: تباعدا من الايمان (وإني كلما دعوتهم) إلى الإيمان والطاعة (جعلوا أصابعهم في آذانهم) لئلا يسمعوا صوتي (واستغشوا ثيابهم) أي: غطوا بها وجوههم لئلا يروني (وأصروا) على كفرهم (واستكبروا) عن الإيمان بك واتباعي (ثم إني دعوتهم جهارا) أي: أعلنت لهم بالدعاء. قال ابن عباس: بأعلى صوتي (ثم إني أعلنت لهم) أي: كررت الدعاء معلنا (وأسررت لهم إسرارا) قال ابن عباس: يريد أكلم الرجل بعد الرجل. في السر، وأدعوه إلى توحيدك وعبادتك (فقلت استغفروا ربكم) قال المفسرون: منع الله عنهم القطر، وأعقم أرحام نسائهم أربعين سنة، فقال لهم نوح: (استغفروا ربكم) من الشرك، أي: استدعوا مغفرته بالتوحيد (يرسل السماء عليكم مدرارا) قد شرحناه في الأول الأنعام ومعنى الكلام أنه أخبرهم أن الإيمان يجمع لهم خير الدنيا والآخرة.
قوله [عز وجل]: (ما لكم لا ترجون لله وقارا؟!) فيه أربعة أقوال.
أحدها: لا ترون لله عظمة: قاله ابن عباس:
والثاني: لا تخافون لله عظمة، قاله الفراء وابن قتيبة.
والثالث: لا ترون لله طاعة، قاله ابن زيد.
والرابع: لا ترجون عاقبة الإيمان والتوحيد، قاله الزجاج.
قوله (وقد خلقكم أطوارا) أي: وقد جعل لكم في أنفسكم آية تدل على توحيده من حلقه إياكم من نطفة، ثم من علقة شيئا بعد شئ إلى آخر الخلق. قال ابن الأنباري: الطور: الحال، وجمعه: أطوار. وقال ابن فارس: الطور: التارة، طورا بعد طور، أي: تارة بعد تارة، وقيل: أراد بالأطوار: اختلاف المناطق والأخلاق، من طويل، وقصير، وغير ذلك، ثم قررهم، فقال [عز