وأنا لما سمعنا الهدى أمنا به فمن يؤمن بربه فلا يخاف بخسا ولا رهقا (13) وأنا منا المسلمون ومنا القاسطون فمن أسلم فأولئك تحروا رشدا (14) وأما القاسطون فكانوا لجهنم حطبا (15) وألو استقاموا على الطريقة لأسقيناهم ماء غدقا (16) لنفتنهم فيه ومن يعرض عن ذكر ربه يسلكه عذابا صعدا (17) قوله [عز وجل]: (قل أوحي إلي أنه استمع نفر من الجن) قد ذكرنا سبب نزول هذه الآية في الأحقاف وبينا هنالك سبب استماعهم. ومعنى " النفر " وعددهم، فأما قوله [عز وجل]: (قرآنا عجبا) فمعناه: بليغا يعجب منه لبلاغته (يهدي إلى الرشد) أي: يدعو إلى الصواب من التوحيد والإيمان (ولن نشرك بربنا) أي: لن نعدل بربنا أحدا من خلقه. وقيل: عنوا إبليس، أي: لا نطيعه في الشرك بالله.
قوله [عز وجل]: (وأنه تعالى جد ربنا) اختلف القراء في اثنتي عشرة همزة في هذه السورة، وهي: " وأنه تعالى "، " وأنه كان يقول "، " وأنا ظننا "، " وأنه كان رجال "، " وأنهم ظنوا "، " وأنا لمسنا "، " وأنا كنا "، " وأنا لا ندري "، " وأنا منا "، " وأنا ظننا أن لن نعجز الله "، " وأنا لما سمعنا "، " وأنا منا "، ففتح الهمزة في هذه المواضع ابن عامر، وحمزة، والكسائي، وخلف، وحفص [عن] عاصم، ووافقهم أبو جعفر في ثلاثة مواضع " وأنه تعالى "، " وأنه كان يقول "، " وأنه كان رجال "، وكسر الباقيات. وقرأ الباقون بكسرهن. قال الزجاج: والذي يختاره النحويون في هذه السورة أن ما كان من الوحي قيل فيه: " أن " بالفتح، وما كان من قول الجن قيل: " إن " [بالكسر].
معطوف على قوله [عز وجل]: (إنا سمعنا قرآنا عجبا) وعلى هذا يكون المعنى: وقالوا: إنه تعالى جد ربنا، وقالوا: إنه كان يقول سفيهنا. فأما من فتح، فذكر بعض النحويين: يعني الفراء، أنه معطوف على الهاء في قوله [عز وجل]: (فآمنا به) وبأنه تعالى جد ربنا. وكذلك ما بعد هذا.
وهذا رديء في القياس، لا يعطف على الهاء المتمكنة المخفوضة إلا بإظهار الخافض. ولكن وجهه أن يكون محمولا على معنى آمنا به، فيكون المعنى: وصدقنا أنه تعالى جد ربنا. وللمفسرين