يقاسموكم أموالكم، كما تقاسم بعضكم بعضا. ذكر من قال ذلك:
21287 حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا المعتمر، قال: سمعت عمران قال: قال أبو مجلز: إن مملوكك لا تخاف أن يقاسمك مالك، وليس له ذلك، كذلك الله لا شريك له.
وأولى القولين بالصواب في تأويل ذلك القول الثاني، لأنه أشبههما بما دل عليه ظاهر الكلام، وذلك أن الله جل ثناؤه وبخ هؤلاء المشركين الذين يجعلون له من خلقه آلهة يعبدونها، وأشركوهم في عبادتهم إياه، وهم مع ذلك يقرون بأنها خلقه وهم عبيده، وعيرهم بفعلهم ذلك، فقال لهم: هل لكم من عبيدكم شركاء فيما خولناكم من نعمنا، فهم سواء، وأنتم في ذلك تخافون أن يقاسموكم ذلك المال الذي هو بينكم وبينهم، كخيفة بعضكم بعضا أن يقاسمه ما بينه وبينه من المال شركة فالخيفة التي ذكرها تعالى ذكره بأن تكون خيفة مما يخاف الشريك من مقاسمة شريكه المال الذي بينهما إياه أشبه من أن تكون خيفة منه بأن يرثه، لان ذكر الشركة لا يدل على خيفة الوراثة، وقد يدل على خيفة الفراق والمقاسمة.
وقوله: كذلك نفصل الآيات لقوم يعقلون يقول تعالى ذكره: كما بينا لكم أيها القوم حججنا في هذه الآيات من هذه السورة على قدرتنا على ما نشاء من إنشاء ما نشاء، وإفناء ما نحب، وإعادة ما نريد إعادته بعد فنائه، ودللنا على أنه لا تصلح العبادة إلا للواحد القهار، الذي بيده ملكوت كل شئ، كذلك نبين حججنا في كل حق لقوم يعقلون، فيتدبرونها إذا سمعوها، ويعتبرون فيتعظون بها. القول في تأويل قوله تعالى:
* (بل اتبع الذين ظلموا أهواءهم بغير علم فمن يهدي من أضل الله وما لهم من ناصرين) *.
يقول تعالى ذكره: ما ذلك كذلك، ولا أشرك هؤلاء المشركون في عبادة الله الآلهة والأوثان، لان لهم شركا فيما رزقهم الله من ملك أيمانهم، فهم وعبيدهم فيه سواء، يخافون أن يقاسموهم ما هم شركاؤهم فيه، فرضوا لله من أجل ذلك بما رضوا به لأنفسهم، فأشركوهم في عبادته، ولكن الذين ظلموا أنفسهم فكفروا بالله، اتبعوا أهواءهم، جهلا منهم لحق الله عليهم، فأشركوا الآلهة والأوثان في عبادته فمن يهدي من أضل الله يقول: فمن يسدد للصواب من الطرق، يعني بذلك من يوفق للاسلام من أضل الله عن