يحسبون الأحزاب لم يذهبوا قال: يحسبونهم قريبا.
وذكر أن ذلك في قراءة عبد الله: يحسبون الأحزاب قد ذهبوا، فإذا وجدوهم لم يذهبوا ودوا لو أنهم بأدون في الاعراب.
وقوله: وإن يأت الأحزاب يودوا لو أنهم بأدون في الاعراب يقول تعالى ذكره:
وإن يأت المؤمنين الأحزاب وهم الجماعة: واحدهم حزب يودوا يقول: يتمنوا من الخوف والجبن أنهم غيب عنكم في البادية مع الاعراب خوفا من القتل. وذلك أن قوله:
لو أنهم بأدون في الاعراب تقول: قد بدا فلان إذا صار في البدو فهو يبدو، وهو باد وأما الاعراب: فإنهم جمع أعرابي، وواحد العرب عربي، وإنما قيل أعرابي لأهل البدو، فرقا بين أهل البوادي والأمصار، فجعل الاعراب لأهل البادية، والعرب لأهل المصر.
وقوله: يسألون عن أنبائكم يقول: يستخبر هؤلاء المنافقون أيها المؤمنون الناس عن أنبائكم، يعني عن أخباركم بالبادية، هل هلك محمد وأصحابه؟ نقول: يتمنون أن يسمعوا أخباركم بهلاككم، أن لا يشهدوا معكم مشاهدكم. ولو كانوا فيكم ما قاتلوا إلا قليلا يقول تعالى ذكره للمؤمنين: ولو كانوا أيضا فيكم ما نفعوكم، وما قاتلوا المشركين إلا قليلا. يقول: إلا تعذيرا، لأنهم لا يقاتلونهم حسبة ولا رجاء ثواب. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
21662 - حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله يسألون عن أنبائكم قال: أخباركم. وقرأت قراء الأمصار جميعا سوى عاصم الجحدري: يسألون عن أنبائكم بمعنى: يسألون من قدم عليهم من الناس عن أنباء عسكركم وأخباركم، وذكر عن عاصم الجحدري أنه كان يقرأ ذلك: يساءلون بتشديد السين، بمعنى: يتساءلون: أي يسأل بعضهم بعضا عن ذلك.
والصواب من القول في ذلك عندنا ما عليه قراء الأمصار، لاجماع الحجة من القراء عليه. القول في تأويل قوله تعالى:
* (لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا * ولما رأى المؤمنون الأحزاب قالوا هذا ما وعدنا الله ورسوله وصدق الله ورسوله وما زادهم إلا إيمانا وتسليما) *.