يعني تعالى ذكره بقوله: منيبين إليه تائبين راجعين إلى الله مقبلين، كما:
21302 - حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله:
منيبين إليه قال: المنيب إلى الله: المطيع لله، الذي أناب إلى طاعة الله وأمره، ورجع عن الأمور التي كان عليها قبل ذلك. كان القوم كفارا، فنزعوا ورجعوا إلى الاسلام.
وتأويل الكلام: فأقم وجهك يا محمد للدين حنيفا منيبين إليه إلى الله فالمنيبون حال من الكاف التي في وجهك.
فإن قال قائل: وكيف يكون حالا منها، والكاف كناية عن واحد، والمنيبون صفة لجماعة؟ قيل: لان الامر من الكاف كناية اسمه من الله في هذا الموضع أمر منه له ولامته، فكأنه قيل له: فأقم وجهك أنت وأمتك للدين حنيفا لله، منيبين إليه.
وقوله: واتقوه يقول جل ثناؤه: وخافوا الله وراقبوه أن تفرطوا في طاعته، وتركبوا معصيته. ولا تكونوا من المشركين يقول: ولا تكونوا من أهل الشرك بالله بتضييعكم فرائضه، وركوبكم معاصيه، وخلافكم الدين الذي دعاكم إليه.
وقوله: من الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا يقول: ولا تكونوا من المشركين الذين بدلوا دينهم، وخالفوه ففارقوه وكانوا شيعا يقول: وكانوا أحزابا فرقا كاليهود والنصارى. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
21303 - حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا: وهم اليهود والنصارى.
21304 - حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا إلى آخر الآية، قال: هؤلاء يهود، فلو وجه قوله من الذين فرقوا دينهم إلى أنه خبر مستأنف منقطع عن قوله: ولا تكونوا من المشركين وأن معناه: من الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا أحزابا كل حزب بما لديهم فرحون كان وجها يحتمله الكلام.
وقوله: كل حزب بما لديهم فرحون يقول: كل طائفة وفرقة من هؤلاء الذين فارقوا دينهم الحق، فأحدثوا البدع التي أحدثوا بما لديهم فرحون. يقول: بما هم به متمسكون من المذهب، فرحون مسرورون، يحسبون أن الصواب معهم دون غيرهم.
القول في تأويل قوله تعالى: