والصواب من القول في ذلك عندنا أنهما قراءتان مشهورتان، متقاربتا المعنى، لان الله إذا أخفاه فهو مخفى، وإذا أخفى فليس له مخف غيره، وما في قوله فلا تعلم نفس ما أخفي لهم فإنها إذا جعلت بمعنى الذي كانت نصبا بوقوع تعلم عليها كيف قرأ القارئ أخفى، وإذا وجهت إلى معنى أي كانت رفعا إذا قرئ أخفى بنصب الياء وضم الألف، لأنه لم يسم فاعله، وإذا قرئ أخفي بإرسال الياء كانت نصبا بوقوع أخفي عليها. القول في تأويل قوله تعالى:
* (أفمن كان مؤمنا كمن كان فاسقا لا يستوون * أما الذين آمنوا وعملوا الصالحات فلهم جنات المأوى نزلا بما كانوا يعملون * وأما الذين فسقوا فمأواهم النار كلما أرادوا أن يخرجوا منها أعيدوا فيها وقيل لهم ذوقوا عذاب النار الذي كنتم به تكذبون) *.
يقول تعالى ذكره: أفهذا الكافر المكذب بوعد الله ووعيده، المخالف أمر الله ونهيه، كهذا المؤمن بالله، المصدق بوعده ووعيده، المطيع له في أمره ونهيه؟ كلا لا يستوون عند الله. يقول: لا يعتدل الكفار بالله، والمؤمنون به عنده، فيما هو فاعل بهم يوم القيامة.
وقال: لا يستوون فجمع، وإنما ذكر قبل ذلك اثنين: مؤمنا، وفاسقا، لأنه لم يرد بالمؤمن: مؤمنا واحدا، وبالفاسق: فاسقا واحدا، وإنما أريد به جميع الفساق، وجميع المؤمنين بالله. فإذا كان الاثنان غير مصمود لهما، ذهبت بهما العرب مذهب الجمع.
وذكر أن هذه الآية نزلت في علي بن أبي طالب، رضوان الله عليه، والوليد بن عقبة.
ذكر من قال ذلك:
21532 - حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة بن الفضل، قال: ثني ابن إسحاق، عن بعض أصحابه، عن عطاء بن يسار، قال: نزلت بالمدينة، في علي بن أبي طالب، والوليد بن عقبة بن أبي معيط كان بين الوليد وبين علي كلام، فقال الوليد بن عقبة: أنا أبسط منك لسانا، وأحد منك سنانا، وأرد منك للكتيبة، فقال علي: اسكت، فإنك فاسق، فأنزل الله فيهما: أفمن كان مؤمنا كمن كان فاسقا لا يستوون... إلى قوله به تكذبون.
21533 - حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله أفمن كان