أجمعون. والقول عندي في قوله: من قبله على وجه التوكيد. القول في تأويل قوله تعالى:
* (فانظر إلى آثار رحمة الله كيف يحيي الأرض بعد موتها إن ذلك لمحيي الموتى وهو على كل شئ قدير) *.
اختلفت القراء في قوله: فانظر إلى آثار رحمة الله فقرأته عامة قراء أهل المدينة والبصرة وبعض الكوفيين: إلى أثر رحمة الله على التوحيد، بمعنى: فانظر يا محمد إلى أثر الغيث الذي أصاب الله به من أصاب من عباده، كيف يحيي ذلك الغيث الأرض من بعد موتها. وقرأ ذلك عامة قراء الكوفة: فانظر إلى آثار رحمة الله على الجماع، بمعنى:
فانظر إلى آثار الغيث الذي أصاب الله به من أصاب كيف يحيي الأرض بعد موتها.
والصواب من القول في ذلك، أنهما قراءتان مشهورتان في قراءة الأمصار، متقاربتا المعنى وذلك أن الله إذا أحيى الأرض بغيث أنزله عليها، فإن الغيث أحياها بإحياء الله إياها به، وإذا أحياها الغيث، فإن الله هو المحيي به، فبأي القراءتين قرأ القارئ فمصيب.
فتأويل الكلام إذن: فانظر يا محمد إلى آثار الغيث الذي ينزل الله من السحاب، كيف يحيي بها الأرض الميتة، فينبتها ويعشبها من بعد موتها ودثورها. إن ذلك لمحيي الموتى يقول جل ذكره: إن الذي يحيي هذه الأرض بعد موتها بهذا الغيث، لمحيي الموتى من بعد موتهم، وهو على كل شئ مع قدرته على إحياء الموتى قدير، لا يعز عليه شئ أراده، ولا يمتنع عليه فعل شئ شاءه سبحانه. القول في تأويل قوله تعالى:
* (ولئن أرسلنا ريحا فرأوه مصفرا لظلوا من بعده يكفرون) *.
يقول تعالى ذكره: ولئن أرسلنا ريحا مفسدة ما أنبته الغيث الذي أنزلناه من السماء، فرأى هؤلاء الذين أصابهم الله بذلك الغيث الذي حييت به أرضوهم، وأعشبت ونبتت به زروعهم، ما أنبتته أرضوهم بذلك الغيث من الزرع مصفرا، قد فسد بتلك الريح التي أرسلناها، فصار من بعد خضرته مصفرا، لظلوا من بعد استبشارهم وفرحتهم به يكفرون بربهم. القول في تأويل قوله تعالى:
* (فإنك لا تسمع الموتى ولا تسمع الصم الدعاء إذا ولوا مدبرين * وما أنت بهاد العمي عن ضلالتهم إن تسمع إلا من يؤمن بآياتنا فهم مسلمون) *.