قوة ضعفا وشيبة يخلق ما يشاء وهو العليم القدير) *.
يقول تعالى ذكره لهؤلاء المكذبين بالبعث من مشركي قريش، محتجا عليهم بأنه القادر على ذلك وعلى ما يشاء: الله الذي خلقكم أيها الناس من ضعف يقول: من نطفة وماء مهين، فأنشأكم بشرا سويا ثم جعل من بعد ضعف قوة يقول: ثم جعل لكم قوة على التصرف، من بعد خلقه إياكم من ضعف، ومن بعد ضعفكم، بالصغر والطفولة ثم جعل من بعد قوة ضعفا وشيبة يقول: ثم أحدث لكم الضعف بالهرم والكبر عما كنتم عليه أقوياء في شبابكم وشيبة. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
21353 - حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: الذي خلقكم من ضعف أي من نطفة ثم جعل من بعد ضعف قوة، ثم جعل من بعد قوة ضعفا الهرم وشيبة الشمط.
وقوله: يخلق ما يشاء يقول تعالى ذكره: يخلق ما يشاء من ضعف وقوة وشباب وشيب وهو العليم بتدبير خلقه القدير على ما يشاء، لا يمتنع عليه شئ أراده، فكما فعل هذه الأشياء، فكذلك يميت خلقه ويحييهم إذا شاء. يقول: واعلموا أن الذي فعل هذه الأفعال بقدرته يحيي الموتى إذا شاء. القول في تأويل قوله تعالى:
* (ويوم تقوم الساعة يقسم المجرمون ما لبثوا غير ساعة كذلك كانوا يؤفكون) *.
يقول تعالى ذكره: ويوم تجئ ساعة البعث، فيبعث الخلق من قبورهم، يقسم المجرمون، وهم الذين كانوا يكفرون بالله في الدنيا، ويكتسبون فيه الآثام، وإقسامهم:
حلفهم بالله. ما لبثوا غير ساعة: يقول: يقسمون بأنهم لم يلبثوا في قبورهم غير ساعة واحدة. يقول الله جل ثناؤه: كذلك في الدنيا كانوا يؤفكون: يقول: كذبوا في قيلهم وقسمهم ما لبثنا غير ساعة، كما كانوا في الدنيا يكذبون ويحلفون على الكذب وهم يعلمون. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
21354 - حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة ويوم تقوم الساعة