كل له قانتون يقول: كل له مطيعون، فيقول قائل: وكيف قيل كل له قانتون وقد علم أن أكثر الإنس والجن له عاصون؟ فنقول: اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك، فنذكر اختلافهم، ثم نبين الصواب عندنا في ذلك من القول، فقال بعضهم: ذلك كلام مخرجه مخرج العموم، والمراد به الخصوص، ومعناه: كل له قانتون في الحياة والبقاء والموت، والفناء والبعث والنشور، لا يمتنع عليه شئ من ذلك، وإن عصاه بعضهم من غير ذلك.
ذكر من قال ذلك:
21273 - حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله ومن آياته أن تقوم السماء والأرض بأمره... إلى كل له قانتون يقول: مطيعون، يعني الحياة والنشور والموت، وهم عاصون له فيما سوى ذلك من العبادة.
وقال آخرون: بل معنى ذلك: كل له قانتون بإقرارهم بأنه ربهم وخالقهم. ذكر من قال ذلك:
21274 - حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة كل له قانتون:
أي مطيع مقر بأن الله ربه وخالقه.
وقال آخرون: هو على الخصوص، والمعنى: وله من في السماوات والأرض من ملك وعبد مؤمن لله مطيع دون غيرهم. ذكر من قال ذلك:
21275 - حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله:
كل له قانتون قال: كل له مطيعون. المطيع: القانت، قال: وليس شئ إلا وهو مطيع، إلا ابن آدم، وكان أحقهم أن يكون أطوعهم لله. وفي قوله وقوموا لله قانتين قال:
هذا في الصلاة، لا تتكلموا في الصلاة كما يتكلم أهل الكتاب في الصلاة، قال: وأهل الكتاب يمشي بعضهم إلى بعض في الصلاة، قال: ويتقابلون في الصلاة، فإذا قيل لهم في ذلك، قالوا: لكي تذهب الشحناء من قلوبنا تسلم قلوب بعضنا لبعض، فقال الله: وقوموا لله قانتين لا تزولوا كم يزولون. قانتين: لا تتكلموا كما يتكلمون. قال: فأما ما سوى هذا كله في القرآن من القنوت فهو الطاعة، إلا هذه الواحدة.
وأولى الأقوال في ذلك بالصواب القول الذي ذكرناه عن ابن عباس، وهو أن كل من