بالعبودية وسبحوا بحمد ربهم يقول: وسبحوا الله في سجودهم بحمده، فيبرؤونه مما يصفه أهل الكفر به، ويضيفون إليه من الصاحبة والأولاد والشركاء والأنداد وهم لا يستكبرون يقول: يفعلون ذلك، وهم لا يستكبرون عن السجود له والتسبيح، لا يستنكفون عن التذلل له والاستكانة. وقيل: إن هذه الآية نزلت على رسول الله (ص)، لان قوما من المنافقين كانوا يخرجون من المسجد إذا أقيمت الصلاة، ذكر ذلك عن حجاج، عن ابن جريج. القول في تأويل قوله تعالى:
* (تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفا وطمعا ومما رزقناهم ينفقون) *.
يقول تعالى ذكره: تتنحى جنوب هؤلاء الذين يؤمنون بآيات الله، الذين وصفت صفتهم، وترتفع من مضاجعهم التي يضطجعون لمنامهم، ولا ينامون يدعون ربهم خوفا وطمعا في عفوه عنهم، وتفضله عليهم برحمته ومغفرته ومما رزقناهم ينفقون في سبيل الله، ويؤدون منه حقوق الله التي أوجبها عليهم فيه. وتتجافى: تتفاعل من الجفاء والجفاء: النبو، كما قال الراجز:
وصاحبي ذات هباب دمشق * وابن ملاط متجاف أرفق يعني: أن كرمها سجية عن ابن ملاط. وإنما وصفهم تعالى ذكره بتجافي جنوبهم عن المضاجع لتركهم الاضطجاع للنوم شغلا بالصلاة.
واختلف أهل التأويل في الصلاة التي وصفهم جل ثناؤه، أن جنوبهم تتجافى لها عن المضطجع، فقال بعضهم: هي الصلاة بين المغرب والعشاء، وقال: نزلت هذه الآية في قوم كانوا يصلون في ذلك الوقت. ذكر من قال ذلك:
21505 - حدثنا ابن المثنى، قال: ثنا يحيى بن سعيد، عن أبي عروبة، قال: قال قتادة، قال أنس، في قوله كانوا قليلا من الليل ما يهجعون قال: كانوا يتنفلون فيما بين المغرب والعشاء، وكذلك تتجافى جنوبهم.