* (وإذا مس الناس ضر دعوا ربهم منيبين إليه ثم إذا أذاقهم منه رحمة إذا فريق منهم بربهم يشركون) *.
يقول تعالى ذكره: وإذا مس هؤلاء المشركين الذين يجعلون مع الله إلها آخر ضر، فأصابتهم شدة وجدوب وقحوط دعوا ربهم يقول: أخلصوا لربهم التوحيد، وأفردوه بالدعاء والتضرع إليه، واستغاثوا به منيبين إليه، تائبين إليه من شركهم وكفرهم ثم إذا أذاقهم منه رحمة يقول: ثم إذا كشف ربهم تعالى ذكره عنهم ذلك الضر وفرجه عنهم وأصابهم برخاء وخصب وسعة، إذا فريق منهم يقول: إذا جماعة منهم بربهم يشركون يقول: يعبدون معه الآلهة والأوثان. القول في تأويل قوله تعالى:
* (ليكفروا بما آتيناهم فتمتعوا فسوف تعلمون) *.
يقول تعالى ذكره متوعدا لهؤلاء المشركين الذين أخبر عنهم أنه إذا كشف الضر عنهم كفروا به، ليكفروا بما أعطيناهم، يقول: إذا هم بربهم يشركون، كي يكفروا: أي يجحدوا النعمة التي أنعمتها عليهم بكشفي عنهم الضر الذي كانوا فيه، وإبدالي ذلك لهم بالرخاء والخصب والعافية، وذلك الرخاء والسعة هو الذي آتاهم تعالى ذكره، الذي قال: بما آتيناهم. وقوله فتمتعوا يقول: فتمتعوا أيها القوم بالذي آتيناكم من الرخاء والسعة في هذه الدنيا فسوف تعلمون إذا وردتم على ربكم ما تلقون من عذابه، وعظيم عقابه على كفركم به في الدنيا. وقد قرأ بعضهم: فسوف يعلمون بالياء، بمعنى: ليكفروا بما آتيناهم، فقد تمتعوا على وجه الخبر، فسوف يعلمون. القول في تأويل قوله تعالى:
* (أم أنزلنا عليهم سلطانا فهو يتكلم بما كانوا به يشركون) *.
يقول تعالى ذكره: أم أنزلنا على هؤلاء الذين يشركون في عبادتنا الآلهة والأوثان، كتابا بتصديق ما يقولون، وبحقيقة ما يفعلون فهو يتكلم بما كانوا به يشركون يقول:
فذلك الكتاب ينطق بصحة شركهم وإنما يعني جل ثناؤه بذلك: أنه لم ينزل بما يقولون ويفعلون كتابا، ولا أرسل به رسولا، وإنما هو شئ افتعلوه واختلقوه، اتباعا منهم لأهوائهم. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
21305 - حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله أم أنزلنا