قوله: ولو أن ما في الأرض وبأيتهما قرأ القارئ فمصيب عندي. وقوله: إن الله عزيز حكيم يقول: إن الله ذو عزة في انتقامه ممن أشرك به، وادعى معه إلها غيره، حكيم في تدبيره خلقه. القول في تأويل قوله تعالى:
* (ما خلقكم ولا بعثكم إلا كنفس واحدة إن الله سميع بصير) *.
يقول تعالى ذكره ما خلقكم أيها الناس ولا بعثكم على الله إلا كخلق نفس واحدة وبعثها، وذلك أن الله لا يتعذر عليه شئ أراده، ولا يمتنع بعنه شئ شاءه إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون فسواء خلق واحد وبعثه، وخلق الجميع وبعثهم. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
21445 - حدثني محمد بن عمرو، قال: ثني أبو عاصم، قال: ثنا عيسى وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله كنفس واحدة يقول: كن فيكون، للقليل والكثير.
21446 - حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله ما خلقكم ولا بعثكم إلا كنفس واحدة قال: يقول: إنما خلق الله الناس كلهم وبعثهم كخلق نفس واحدة وبعثها، وإنما صلح أن يقال: إلا كنفس واحدة، والمعنى: إلا كخلق نفس واحدة، لان المحذوف فعل يدل عليه قوله ما خلقكم ولا بعثكم والعرب تفعل ذلك في المصادر، ومنه قول الله: تدور أعينهم كالذي يغشى عليه من الموت والمعنى:
كدوران عين الذي يغشى عليه من الموت، فلم يذكر الدوران والعين لما وصفت.
وقوله: إن الله سميع بصير يقول تعالى ذكره: إن الله سميع لما يقول هؤلاء المشركون ويفترونه على ربهم، من ادعائهم له الشركاء والأنداد وغير ذلك من كلامهم وكلام غيرهم، بصير بما يعملونه وغيرهم من الأعمال، وهو مجازيهم على ذلك جزاءهم.
القول في تأويل قوله تعالى:
* (ألم تر أن الله يولج الليل في النهار ويولج النهار في الليل وسخر الشمس والقمر كل يجري إلى أجل مسمى وأن الله بما تعملون خبير) *.
يقول تعالى ذكره: ألم تر يا محمد بعينك أن الله يولج الليل في النهار يقول: