في السماوات والأرض من خلق لله مطيع في تصرفه فيما أراد تعالى ذكره من حياة و موت، وما أشبه ذلك، وإن عصاه فيما يكسبه بقوله، وفيما له السبيل إلى اختياره وإيثاره على خلافه.
وإنما قلت: ذلك أولى بالصواب في تأويل ذلك، لان العصاة من خلقه فيما لهم السبيل إلى اكتسابه كثير عددهم، وقد أخبر تعالى ذكره عن جميعهم أنهم له قانتون ، فغير جائز أن يخبر عمن هو عاص أنه له قانت فيما هو له عاص. وإذا كان ذلك كذلك، فالذي فيه عاص هو ما وصفت، والذي هو له قانت ما بينت.
وقوله: وهو الذي يبدأ الخلق ثم يعيده يقول تعالى ذكره: والذي له هذه الصفات تبارك وتعالى، هو الذي يبدأ الخلق من غير أصل فينشئه ويوجده، بعد أن لم يكن شيئا، ثم يفنيه بعد ذلك، ثم يعيده، كما بدأه بعد فنائه، وهو أهون عليه.
اختلف أهل التأويل، في معنى قوله: وهو أهون عليه فقال بعضهم: معناه: وهو هين عليه. ذكر من قال ذلك:
21276 - حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا يحيى بن سعيد العطار، عن سفيان عمن ذكره، عن منذر الثوري، عن الربيع بن خيثم وهو أهون عليه قال: ما شئ عليه بعزيز.
21277 - حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله وهو الذي يبدأ الخلق ثم يعيده، وهو أهون عليه يقول:
كل شئ عليه هين.
وقال آخرون: معناه: وإعادة الخلق بعد فنائهم أهون عليه من ابتداء خلقهم. ذكر من قال ذلك:
21278 - حدثني علي، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس، قوله وهو أهون عليه قال: يقول: أيسر عليه.
21279 - حدثنا محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله:
وهو أهون عليه قال: الإعادة أهون عليه من البداءة، والبداءة عليه هين.
21280 - حدثني ابن المثنى، قال: ثنا محمد بن جعفر، قال: ثنا شعبة، عن سماك، عن عكرمة قرأ هذا الحرف وهو الذي يبدأ الخلق ثم يعيده، وهو أهون عليه