يقول تعالى ذكره: إن ربك يا محمد هو يبين جميع خلقه يوم القيامة فيما كانوا فيه في الدنيا يختلفون من أمور الدين والبعث والثواب والعقاب، وغير ذلك من أسباب دينهم، فيفرق بينهم بقضاء فاصل بإيجابه لأهل الحق الجنة، ولأهل الباطل النار. القول في تأويل قوله تعالى:
* (أولم يهد لهم كم أهلكنا من قبلهم من القرون يمشون في مساكنهم إن في ذلك لآيات أفلا يسمعون) *.
يقول تعالى ذكره: أو لم يبين لهم؟ كما:
21563 - حدثني علي، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس أولم يهد لهم يقول: أو لم يبين لهم.
وعلى القراءة بالياء في ذلك قراء الأمصار، وكذلك القراءة عندنا لاجماع الحجة من القراء، بمعنى: أو لم يبين لهم إهلاكنا القرون الخالية من قبلهم، سنتنا فيمن سلك سبيلهم من الكفر بآياتنا، فيتعظوا وينزجروا. وقوله كم إذا قرئ يهد بالياء، في موضع رفع بيهد. وأما إذا قرئ ذلك بالنون أو لم نهد فإن موضع كم وما بعدها نصب. وقوله:
يمشون في مساكنهم يقول تعالى ذكره: أو لم يبين لهن كثرة إهلاكنا القرون الماضية من قبلهم يمشون في بلادهم وأرضهم، كعاد وثمود. كما:
21564 - حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة أو لم يهد لهم كم أهلكنا من قبلهم من القرون عاد وثمود وأنهم إليهم لا يرجعون.
وقوله: إن في ذلك لآيات يقول تعالى ذكره: إن في خلاء مساكن القرون الذين أهلكناهم من قبل هؤلاء المكذبين بآيات الله من قريش من أهلها الذين كانوا سكانها وعمارها بإهلاكنا إياهم لما كذبوا رسلنا، وجحدوا بآياتنا، وعبدوا من دون الله آلهة غيره التي يمرون بها فيعاينونها، لآيات لهم وعظات يتعظون بها، لو كانوا أولي حجا وعقول.
يقول الله: أفلا يسمعون عظات الله وتذكيره إياهم آياته، وتعريفهم مواضع حججه؟
القول في تأويل قوله تعالى:
* (أولم يروا أنا نسوق الماء إلى الأرض الجرز فنخرج به زرعا تأكل منه أنعامهم وأنفسهم أفلا يبصرون) *.