آخرة، ولا تحملهم حسبة، فهم يهابون الموت هيبة من لا يرجو ما بعده.
وأشبه هذه الأقوال بما دل عليه ظاهر التنزيل قول من قال سلقوكم بألسنة حداد أشحة على الخير فأخبر أن سلقهم المسلمين شحا منهم على الغنيمة والخير، فمعلوم إذ كان ذلك كذلك، أن ذلك لطلب الغنيمة. وإذا كان ذلك منهم لطلب الغنيمة، دخل في ذلك قول من قال: معنى ذلك: سلقوكم بالأذى، لان فعلهم ذلك كذلك، لا شك أنه للمؤمنين أذى.
وقوله: أشحة على الخير يقول: أشحة على الغنيمة، إذا ظفر المؤمنون. وقوله:
لم يؤمنوا فأحبط الله أعمالهم يقول تعالى ذكره: هؤلاء الذين وصفت لك صفتهم في هذه الآيات، لم يصدقوا الله ورسوله، ولكنهم أهل كفر ونفاق. فأحبط الله أعمالهم يقول: فأذهب الله أجور أعمالهم وأبطلها. وذكر أن الذي وصف بهذه الصفة كان بدريا، فأحبط الله عمله. ذكر من قال ذلك:
21659 - حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله فأحبط الله أعمالهم وكان ذلك على الله يسيرا قال: فحدثني أبي أنه كان بدريا، وأن قوله: أحبط الله أعمالهم: أحبط الله عمله يوم بدر.
وقوله: وكان ذلك على الله يسيرا يقول تعالى ذكره: وكان إحباط عملهم الذي كانوا عملوا قبل ارتدادهم ونفاقهم على الله يسيرا. القول في تأويل قوله تعالى:
* (يحسبون الأحزاب لم يذهبوا وإن يأت الأحزاب يودوا لو أنهم بأدون في الاعراب يسألون عن أنبائكم ولو كانوا فيكم ما قاتلوا إلا قليلا) *.
يقول تعالى ذكره: يحسب هؤلاء المنافقون الأحزاب، وهم قريش وغطفان. كما:
21660 - حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، عن ابن إسحاق، قال: ثني يزيد بن رومان يحسبون الأحزاب لم يذهبوا قريش وغطفان.
وقوله: لم يذهبوا يقول: لم ينصرفوا، وإن كانوا قد انصرفوا جبنا وهلعا منهم.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
21661 - حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله: