* (ثم سواه ونفخ فيه من روحه وجعل لكم السمع والابصار والأفئدة قليلا ما تشكرون) *.
يقول تعالى ذكره: ثم سوى الانسان الذي بدأ خلقه من طين خلقا سويا معتدلا، ونفخ فيه من روحه فصار حيا ناطقا وجعل لكم السمع والابصار والأفئدة، قليلا ما تشكرون يقول: وأنعم عليكم أيها الناس ربكم بأن أعطاكم السمع تسمعون به الأصوات، والابصار تبصرون بها الاشخاص والأفئدة، تعقلون بها الخير من السوء، لتشكروه على ما وهب لكم من ذلك. وقوله: قليلا ما تشكرون يقول: وأنتم تشكرون قليلا من الشكر ربكم على ما أنعم عليكم. القول في تأويل قوله تعالى:
* (وقالوا أإذا ضللنا في الأرض أإنا لفي خلق جديد بل هم بلقاء ربهم كافرون) *.
يقول تعالى ذكره: وقال المشركون بالله، المكذبون بالبعث: أئذا ضللنا في الأرض أي صارت لحومنا وعظامنا ترابا في الأرض وفيها لغتان: ضللنا، وضللنا، بفتح اللام وكسرها والقراءة على فتحها، وهي الجوداء، وبها نقرأ. وذكر عن الحسن أنه كان يقرأ: أئذا صللنا بالصاد، بمعنى: أنتنا، من قولهم: صل اللحم وأصل: إذا أنتن. وإنما عنى هؤلاء المشركون بقولهم: أئذا ضللنا في الأرض أي إذا هلكت أجسادنا في الأرض، لان كل شئ غلب عليه غيره حتى خفي فيما غلب، فإنه قد ضل فيه، تقول العرب: قد ضل الماء في اللبن: إذا غلب عليه حتى لا يتبين فيه ومنه قول الأخطل لجرير:
كنت القذى في موج أكدر مزبد * قذف الآتي به فضل ضلالا