الله.
والأصل أن معنى " الرجز " يطلق على الاضطراب والتزلزل (1) ثم اطلق على كل أنواع الشرك، عبادة الأصنام، والوساوس الشيطانية والأخلاق الذميمة والعذاب الإلهي التي تسبب اضطراب الإنسان، فسره البعض بالعذاب (2)، وقد اطلق على الشرك والمعصية والأخلاق السيئة وحب الدنيا تجلبه من العذاب.
وما تجدر الإشارة إليه أن القرآن الكريم غالبا ما استعمل لفظ " الرجز " بمعنى العذاب (3)، ويعتقد البعض أن كلمتي الرجز والرجس مرادفان (4).
وهذه المعاني الثلاثة، وإن كانت متفاوتة، ولكنها مرتبطة بعضها بالآخر، وبالتالي فإن للآية مفهوما جامعا، وهو الانحراف والعمل السئ، وتشمل الأعمال التي لا ترضي الله عز وجل، والباعثة على سخر الله في الدنيا والآخرة، ومن المؤكد أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قد هجر واتقى ذلك حتى قبل البعثة، وتاريخه الذي يعترف به العدو والصديق شاهد على ذلك، وقد جاء هذا الأمر هنا ليكون العنوان الأساس في مسير الدعوة إلى الله، وليكون للناس أسوة حسنة.
ويقول تعالى في الأمر الرابع: ولا تمنن تستكثر.
هنا التعلق محذوف أيضا، ويدل على سعة المفهوم كليته، ويشمل المنة على الله والخلائق، أي فلا تمنن على الله بسعيك واجتهادك، لأن الله تعالى هو الذي من عليك بهذا المقام المنيع.
ولا تستكثر عبادتك وطاعتك وأعمالك الصالحة، بل عليك أن تعتبر نفسك مقصرا وقاصرا، واستعظم ما وفقت إليه من العبادة.